ريمان برس -
كان أول من أمن برسالة " النبي" ودعوته لعبادة الله وحده وتوحيده، من "الصبيان"، لم يعاقر ما كان سائدا في قومه ، ولم يمارس ما كان مشاعا في زمنه، تربي في بيت رسول الله صل الله عليه وسلم، الذي لم يكن غريبا عنه بل كان "أبن عمه " وأمام أعين " النبي" نماء وترعرع وتشرب القيم والمثل والأخلاقيات النبوية..
كان أول "الفدائين" على طريق الرسالة المحمدية، إذ فداء النبي بحياته ونام في " فراش رسول الله" حين قررت " قريش وبطونها" "اغتيال رسول الله"ففداه بحياته، وفي " المدينة" حين أخاء المصطفى بين المهاجرين والأنصار، أتخذه " النبي أخاً له".. كأن أقرب الناس إلى قلب رسول الله، وأكثر الناس طاعة وإخلاصا للنبي الكريم.. لهذا قال عنه رسول الله عليه الصلاة والسلام وعلى آله " أنت مني في منزلة هارون من موسى إلا إنه لا نبي بعدي".. وفي يوم أخر قال صلوات الله وسلامه عليه للمسلمين " من كنت مولاه فعلي مولاه"..!
كان صلوات الله وسلامه عليه يدعوه أخاه، حتى قالت له ذات يوم "أم سلمي" مداعبةً "تدعوه أخاك وتزوجه ابنتك"..!
لأ اعتقد أن هناك شخصية عظيمة في تاريخنا تعرضت للظلم في حياتها وبعد انتقالها الي جوار الله سبحانه وتعالى مثل" الإمام علي أبن أبي طالب" رضي الله عنه، وكرم وجهه..!
نعم ظلم "الإمام علي" كرم الله وجهه في حياته، والسبب قربه من رسول الله، ومكانته في" بني هاشم" وفي "قريش" وفي أوساط جموع المسلمين..!
وظلم بعد وفاته من خصومه ومن أنصاره ومن " تشيعوا له" لدوافعهم الخاصة،باستثناء القلة الذين اخلصوا له وأتبعوه حبا في الله ورسوله وبقيم وأخلاقيات استوطنته..
لكنه أكثر من سيقابل الله والرسول وهم راضيين عنه، وعن كل مواقفه التي وقفها بعد وفاة الرسول المصطفى، وأخمد فتن كانت كفيلة بتمزيق الجسد الإسلامي وتفريق مواقف المسلمين، إذ كل ما قيل عن الخلافات التي شهدها المسلمين بعد رسول الله، فإنها كانت ستكون غير مذكورة، مقابل ما سيكون منها، لو أنجرف إليها " الإمام علي" رضي الله عنه وأرضاه " الذي لولاء إيمانه وحرصه على وحدة المسلمين، ودرء الفتن وإصلاح ما بينهم لكانت الصورة التاريخية أشد قتامة مما دونه التاريخ عن تلك الفترة..؟!
تعرض" الإمام علي "_رضي الله عنه _لظلم مركب من جموع المسلمين في حياته وبعد وفاته، والظلم الذي لحقه _كرم الله وجهه _من خصومه، تعرض لمثله وربما أكثر منه إيلاما من حلفائه واتباعه في حياته وبعد رحيله..!
أن الصراع على" السلطة "بين المسلمين بعد وفاة الرسول، جعل المتصارعين عليها يتخذون "الإمام" محورا لصراعهم، فيما كان " الإمام علي" يعمل جاهدا على تعزيز وحدة المسلمين، والعمل على إبعادهم عن دائرة الاحتراب الذاتي، والتوفيق فيما بينهم، فقد رفض دعوة عمه "العباس" لخلافة رسول الله، مخافة الفتنة، ورفض دعوة "أبي سفيان" لذات السبب..!
حتى جاءت واقعة مقتل" الخليفة عثمان" رضي الله عنه، التي لم يكن " الإمام علي" يريدها، وهو الذي حين اشتدت الصراعات بين المسلمين، وضع" ولديه أسباط رسول الله على باب عثمان لحمايته" اعتقادا منه رضي الله عنه أن المسلمين المتصارعين سوف يحترمون" أسباط الرسول"، لكن هذا لم يحدث، وحدث ما كان يخشاه" الإمام"، الذي وجدا نفسه في قلب أحداث لم يكن له يد فيها، وكأن قد حذر منها، ولم يلتفت أحدا لتحذيراته..!
ثم وجد نفسه محاصرا مما أطلقوا على أنفسهم "الثوار" الذين ثاروا على " خلافة عثمان وقتلوه"، وفيما كانت الأقاليم الإسلامية ترتج، وكأن "معاوية" في الشام ينسج خيوط مؤامراته، كان هناك في "مكة" من يعد نفسه على طريقة "معاوية"، فيما "الثوار" في المدينة هربوا نحو "الإمام علي" لينصبوه خلافة لم يطلبها، بل استكره عليها من قبل "ثوار" هدفهم تأمين أنفسهم من عواقب ثورتهم ومقتل عثمان، وأجبروه عليها وعلى قبولها أيضا "المهاجرين والأنصار" رغبة منهم في أن يكون للناس إماما لينفذ فيهم ما أمر الله به ورسوله..!
أمام هذه الصورة الدرامية قبل" الإمام علي" الخلافة مكرها حتى يخمد فتنة اشتعلت في أوساط المسلمين بعد "مقتل عثمان"، ولم يكن "الإمام علي" ليترك الناس في فتنتهم، دون أن يؤدي ما أخذه الله به من أمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. وهو الذي لم يطلب يوما الخلافة، ولم يطلب يوما من الناس أن يبايعوه عليها، مخافة الفتنة بين المسلمين، لكن والفتنة قد اشتعلت وجدا نفسه مكرها ومجبرا أن يؤدي واجبا أمره به الله ورسوله، في أزمة فرضت عليه..!
يتبع |