ريمان برس -
أعرف أن " الفساد" ينتشر في وطني منذ عقود، وأعرف أن " الفاسدين" يتربعون على " عرش السلطة" وفي مفاصلها، ومفاصل المجتمع، يتمددون في واقعنا وفي مفاصل السلطة، كما تتمدد الأمراض " الخبيثة" في اجساد الضحايا..!
غير أن " فساد المرحلة" له أجندات مختلفة عن " فساد الأمس" و "الفاسدين " ربما لأنهم أصبحوا _اليوم _أكثر جراءة وأكثر " وقاحة" من اسلافهم الذين كانوا" يوآرون سوآتهم"، ورغم انهم لم يكونوا ينتمون " للمسيرة القرآنية" ولم يكونوا يعرفوا بها، إلا إنهم كانوا ملتزمين بالحكمة القائلة "إذا ابتليتم فاستتروا" تجسيدا لقيم وأخلاقيات" الدين" وسنة رسوله حيث " السترة" من قيم وأخلاقيات الإنسان المسلم، وهذا ما يفتقده _ اليوم _ " اباطرة الفساد" الذين يرفعون راية "المسيرة القرآنية "فيما يعملون جاهدين على تشويهها ونخرها من الداخل، وحين يعترضهم معارض يرفعون أصواتهم ويتذرعون " بالعدوان والحصار والجهاد" ويصبح من ينتقدهم " خائن " و" طابور خامس" و " عميل لدول العدوان" وكانت هذه التهم ترفع وتوجه لكل من ينتقد " الفساد والفاسدين" حين كانت" دول العدوان" محصورة بالتحالف، إما وقد دخل " الكيان الصهيوني" فأن مساحة التهم سوف تتسع ويصبح من ينتقد الفساد" عميلا للصهاينة ودول العدوان" الباقية..؟!
وتلكم ذرائع يتخفي خلفها" الفاسدين" ويستغلونها لتمرير فسادهم وترويع معارضيهم وتخويفهم، حتى يتجنبوا التعرض لهم وكشف أساليبهم القذرة..!
لم يقل لنا قائل أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قد أسقط "عقاب" المخالفين لشريعة الله، وسنة رسوله، في زمن الحروب؟ أو أجل " عقابهم" إلا ما بعد إنتهاء الحروب، ولم يفعل هذا صحابته الكرام رضوان الله عليهم..؟!
أن نقد الظواهر الشاذة والسلبية يدخل دينيا وشرعيا ضمن مهام " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" وهذا امر الله ورسوله، وأمر قدسه صحابة رسوله وفقهاء وعلماء المسلمين، واستشهد " الإمام زيد عليه السلام" في سبيل هذا المبدأ والأمر، وهو " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" وليس هناك انكر من الفساد الذي هو " سرطان" المجتمعات والشعوب، وهو سبب انهيار إمبراطوريات وممالك وأنظمة، وليس آخرها ما حل في بلادنا التي سقط نظامها وكان الفساد إحدى مثالبه واحدي العوامل التي سُخرت لإسقاطه، فهل تكونوا من أولئك الذين ينهون عن منكر وياتون بما هو اسوي منه وأنكر ..؟!
الزميل " أيوب التميمي رئيس تحرير موقع أجراس الإخباري" لم يأتي بمنكر، حتى يتعرض للتهديد، بل " نهي عن منكر" فهل من ينهي عن منكر يستحق العقاب والتهديد؟ فأن كان الأمر كذلك، فما الفرق بين " نظام اليوم ونظام هشام بن عبد الملك" ؟!
ألم يستشهد الإمام زيد _عليه السلام _لان ذنبه انه نهى عن منكر وأمر بالمعروف..؟ فاغضب هذا " هشام بن عبد الملك" فأمر بقتله وصلبه..؟!
فهل سيلاقي زميلنا " أيوب التميمي" مصير الإمام زيد..؟!
أعرف الزميل" أيوب التميمي" معرفة جيدة، واعرف انه يعرف عن" الفاسدين " أكثر ما يعرفوا عن أنفسهم، ولكنه حصيف، يتحلى بالحكمة، ولديه صبر ونفسه طويل، في التعامل مع القضايا الوطنية، إضافة إلى حرصه على السكينة الوطنية، وقد حاولنا معا وزملاء آخرين، أن نتعامل مع الظواهر السلبية، بقدر من الحكمة والحصافة والعقلانية والموضوعية، مع الكثير من الظواهر السلبية، وحاولنا معا التنبيه، ولفت الأنظار غمزا وهمسا وتلميحا، عسى أن يفهم " طابور الفساد" ويستتروا، ولكن للأسف زادوا عتوا ونفورا، وأصبحوا " ينفقون" ما ينجز في مواجهة العدوان من انتصارات ومنجزات على "طاولة فسادهم" وكأنهم يلعبون " قمار فاجر" على كل شيء جميل يتحقق في المرحلة، بما في ذلك هذا التفاخر والاعتزاز، الذي نكنه لأنفسنا والقيادة، على خلفية مواقفها الإسنادية للأشقاء في فلسطين، ومنازلة " الكيان الصهيوني" المتغطرس، وهو الإنجاز الذي يتعرض للتبديد والاستلاب ، على يد اباطرة الفساد، الذين فاق فسادهم، " فساد اسلافهم" بمراحل من السنوات الضوئية..؟!
بل والادهى والأمر أن فاسدي الأمس، كانوا حين يتناولهم " كاتب أو صحفي" يسلكوا طرق قانونية، بدءا من " حق الرد والتوضيح" وتبرير مواقفهم، ثم اللجوء للقضاء المختص، حين يكونوا واثقين من برأتهم، إما " التهديد بالقتل والوعيد بالويل والثبور" وبكل " وقاحة" من قبل فاسديء المرحلة، فهذا لم نعهده حتى من اباطرة " النظام السابق"الذين كانوا _ يرغبون حكام اليوم _ومع ذلك كنا ننتقدهم بكل جرءاة وشجاعة، وعليكم الرجوع إلى أرشيف الدولة والتأكد من هذا..!
لكن اليوم هناك ثقافة لم نعهدها من قبل، ولا نعتقد انها تعبر عن قيم وأخلاقيات ومبادئ واهداف " المسيرة القرآنية"..!
إننا وحين نكشف بؤر الفساد وممارسات الفاسدين، ننقد حبا بوطننا، ورغبة منا في كشف وتعرية كل الظواهر السلبية، التي كانت ولاتزال سبب أزمتنا الوطنية، وان هدفنا هو تكريس قيم دولة النظام والقانون، والحفاظ على ممتلكات الوطن والشعب، مع العلم إننا لا نستفيد جراء تعريتنا للفساد والفاسدين، ولا نستهدفهم خدمة " لمصالحنا الشخصية" فليس " لنا مصلحة" في ذلك، غير إننا مدفوعين بقيم وقناعات وأخلاقيات تربينا عليها، ونشعر إننا جزءا من هذا الوطن، وان في صلاحه واستقامة مسئوليه، قد يكون فيه صلاحنا وصلاح الوطن والمجتمع..!
أن نقدنا لكل ظاهرة سلبية نابعة من إيماننا بانتمائنا الوطني، وبمسئوليتنا الوطنية، لا ننقد ظواهر بتوجيه من احد في الداخل كان أو في الخارج، ولا يعني نقدنا إننا ندعم أو نخدم " دول العدوان" بل إن من يخدم دول العدوان هم " طابور الفساد والفاسدين" الذين بأفعالهم يثيرون السكينة الاجتماعية، ويزعزعون الجبهة الداخلية ويستهدفون وحدتها وتماسكها، وليس من ينتقدهم ويكشف أفعالهم المخزية المدمرة لكل القيم الدينية والاخلاقية والوطنية والإنسانية، وهم من يخدمون العدوان بأفعالهم وممارساتهم ومحاولتهم استغلال المرحلة لتحقيق مكاسب شخصية، مناً منهم انهم ضد العدوان وأنهم " مجاهدين" ، وطالما هم كذلك فإن من حقهم وضع أيديهم على كل شيء يرغبون به وبامتلاكه، وكأنهم يعيدون اجترار ثقافة الحروب القديمة بالفيد والغنائم ..؟!
أنهم يمنون على الوطن ب"جهادهم" فيما الحقيقة ان الوطن يمن عليهم، لانه قبلهم "للجهاد" ليطهرهم من "رجس" يلوث أفكارهم، ومن يبذل نفسه "للجهاد" بصدق واخلاص، كيف له ان يفكر ب"مغانم الدنيا" ، إلا أن كان يخطط لقبض ثمن "جهاده" مقدما..؟!
مع ثقتي أن "المجاهدين" لا علاقة لهم بهذه الترويكا، التي تستغل اسم "الجهاد" فقط لتحقيق رغباتها، فيما هم يرفعون شعار "الجهاد" كذبا وزورا ف"المجاهد" لم ولن يكون فاسدا ولا عضوا برابطة ترويكا " الفساد"..؟!
تضامننا مع " زميلنا أيوب" ومع " صبره "على تخرصات ضعفاء النفوس، هو بالمحصلة تعبيرا عن تضامننا مع أنفسنا، ومع كل صوت حر ينتقد وبشجاعة الظواهر السلبية، أن الوطن ليس مجرد اقطاعية لفئة أو جماعة، بل هو وطن جميع أبنائه، وجميعنا نحب وطننا ونعشق ترابه وهوائه وتضاريسه، ودفعنا ولانزل ندفع، ثمن حبنا لوطننا، بدليل إننا باقون فيه، لم " نهاجر" رغم العروضات السخية، التي عرضت، ولم " نغادره " رغم المغريات التي قدمت، بل بقينا فيه بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا، مع " السلطة القائمة" عليه، والمتعلق في إدارة شئون البلاد والعباد وتطبيق النظم والقوانين والعدل بين الناس وحسب..!
لم نختلف على شخصية وهوية من يحكموننا، بل نختلف على طريقة حكمهم، ومنها تعاطيهم مع " الفاسدين" وعبثهم المدمر لكل القيم الجميلة..!
تنويه :
ارجو ان لا يثير كلامي غضب احد، فلست خصما لغير " ترويكا الفساد" واتمني أن يتطهر هذا الوطن من كل الفاسدين حتى نتمكن من العيش بسلام.
29 مايو 2025م |