ريمان برس - خاص -
خلال حرب تموز عام 2006م بين حزب الله والكيان الصهيوني برزا مصطلح (الشرق الأوسط الجديد) في قلب المعركة على لسان وزيرة الخارجية الأمريكية حينها _كونداليزا رايس _التي منعت مجلس الأمن من اصدار قرار بوقف إطلاق النار لمرتين وبررت رفضها بقولها _انتظروا فإن شرق أوسط جديد يتشكل _ غير أن الحرب التي دامت 33 يوما انتهت بفشل الجيش الصهيوني ودخل الكيان وقيادته في دوامة غير مستوعبين نتيجة الحرب فشكل (الكنيست الصهيوني) لجنة تحقيق عرفت بلجنة ( فينوغراد) التي انتهت توصياتها بعزل رئيس أركان الجيش (دان حالتوس) وإحالة قائد المنطقة الشمالية ومعه قائد لواء جولاني الي التقاعد المبكر، فيما أولمرت رئيس الوزراء ذهب إلى السجن بتهمة الفساد، فيما تقرير (فينوغراد) اعترف بهزيمة كيانه أمام المقاومة اللبنانية.
اليوم يعيد التاريخ نفسه ويعيد نتنياهو أحياء الحلم الأمريكي بإعادة تشكيل خارطة الشرق الأوسط الذي تريده أمريكا لتعزيز أمن كيانها الصهيوني وإدماجه في المنطقة ولكن وفق رؤية اشمل من رؤية الصهاينة الذين يريدوا شرق أوسط تشكله قوة الردع الصهيونية والتفوق الصهيوني فيما أمريكا وحلفائها يريدون شرق أوسط يقوم على التفاهمات وتوسيع الاتفاق (الإبراهيمي) وذو هوية اقتصادية وشراكة ثقافية واجتماعية وسياسية بين الكيان ودول المنطقة..؟!
كانت المقاومة في لبنان وفلسطين هي العائق أمام إنجاح هذا المخطط الاستعماري وخلفهما الجمهورية العربية السورية، ويمتد الإسناد الي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فبدأ الكيان يخوض مواجهات منفردة مع مكونات المحور المقاوم للهيمنة فأقدم في إيلول سبتمبر 2007م على ضرب (المفاعل النووي السوري في دير الزور) فيما فرضت المقاومة الفلسطينية خياراتها على قطاع غزة فاستبشر العدو خيرا متوهما أن صراعا داميا سوف يشتعل بين الفلسطينيين وهرولت أطراف عربية نحو السلطة الفلسطينية عارضة لها كل أشكال الدعم لمواجهة المقاومة في غزة غير أن أطراف عربية أخرى وفي المقدمة حزب الله وامينه العام وسوريا والجزائر عملوا على الحيلولة دون الصدام الفلسطيني _الفلسطيني، وحين أدرك الصهاينة فشل مخططهم في دق الاسفين بين الفلسطينيين شنوا هجومهم على غزة الذي حمل اسم (الرصاص المصبوب) في ديسمبر 2008 واستمر العدوان على غزة حتى ينائر 2009م.
ظلت الاستهدافات تأخذ أشكال متعددة، اغتيالات لقادة إيرانيين ومقاومين من فلسطين وحزب الله، وحرب استخبارية متعددة الجبهات والساحات واغتيال علماء إيرانيين ومسؤلين عسكرين وامنيين، وصولا إلى أحداث عام 2011م فكانت الفرصة لاسقاط النظام في سورية الذي تم حشد كل مجرمي وقتلة العالم الي سورية وبدعم ورعاية إقليمية ودولية، ولأجل إسقاط النظام القومي في سوريا أنفقت أنظمة الخليج مئات المليارات وقدمت أمريكا والدول الغربية والكيان الصهيوني كل أشكال الدعم اللوجستي للإرهابيبن في سوريا الذين تم تقديمهم بأسم (ثوار سوريا)..؟!
فشلت مؤامرة إسقاط النظام العربي السوري وكما تم تحميل (دمشق) مسؤلية فشل استهداف حزب الله عام 2006م، تم تحميل حزب الله وإيران مسؤلية صمود النظام العربي السوري وطالت المسؤلية روسيا الاتحادية.
في معركة طوفان الأقصى عادة فكرة الشرق الأوسط الجديد ولكن على لسان رئيس الوزراء الصهيوني الذي اخفق في تحقيق إنتصارا يذكر على المقاومة الفلسطينية ناهيكم أن التهم توجهت للحزب بمشاركته في تفجير معركة الطوفان رغم ان كل أطراف المحور أكدت أن المعركة كانت معركة فلسطينية وجاءت بقرار فلسطيني خالص، وقرار الإسناد جاء لاحقا، وقبل أن يكتمل العام من المواجهة وإدراك الصهاينة وأطراف المؤامرة أن الانتصار على المقاومة حلم طوباوي رغم المجازر والتوحش والدمار والحصار وتجاوز لكل القيم والاعراف والتقاليد، فكان لابد من القفز نحو جسر الاتصال والتواصل الرابط بين أطراف محور المقاومة وهو حزب الله وتحديدا قيادته وفي المقدمة امينه العام السيد حسن نصر الله الذي بمجرد استهدافه تحدث رئيس وزراء العدو عن (شرق أوسط جديد) على اعتبار أن السيد الشهيد كان هو الحجرة العثرة الواقف أمام هذا الحلم الصهيوني _الأمريكي المشترك والمطلوب من بعض أنظمة المنطقة، وقد حاول (نتنياهو) إغراء واشنطن بالشرق الأوسط الجديد وآخرين في الغرب، فيما العرب يتطلعون تواقين للقضاء على المقاومة في فلسطين ولبنان كمقدة للتخلص من (أنصار الله) في اليمن والتخلص من( الحشد الشعبي) في العراق بزعم أن هذه الأطراف هي (مليشيات) وبالتالي لايجب أن تكون هناك (مليشيات( بل على الأنظمة أن تفرض وجودها وتجريد هذه (المليشيات) من الأسلحة..؟!
واشنطن التي خرجت من فيتنام مثخنة بالجراح والهزيمة غادرت أفغانستان بعد 20 عاما بطريقة مهينة تدرك جيدا أن من الصعب على حلفائها في المنطقة الصهاينة وغيرهم التخلص من جيوب المقاومة أو تحقيق انتصارات تذكر عليها رغم حرب الإبادة والكثافة النارية والخراب والدمار والقتل المرعب للأطفال والنساء وتدمير مدن بكاملها على رؤس سكانها، تدرك واشنطن أن كل هذه الجرائم لن تجدي نفعا لكنها مضطرة لمجاراة حلفائها وشركائها الصهاينة وغيرهم لعوامل داخلية وخارجية أبرزها حالة الانقسام داخل المجتمع الأمريكي إضافة إلى حرب أوكرانيا والمواجهة مع روسيا عسكريا ومع الصين اقتصاديا، في تنافس جيوسياسي ليس هناك أفق له ولا مؤشرات ترجح الأطراف الفائزة فيه..؟!
لذلك تتغاضي أمريكا عن كل ما يمارسه الكيان الصهيوني مستغلة الظرف الدولي الراهن بتداعياته والتخاذل العربي أو بمعنى أصح العجز العربي الرسمي والشعبي المسكون بثقافة الارتهان والاستلاب والمحصور كل اهتمامهم في البقاء بعيدين عن الأحداث وان بلا كرامة وبلا سيادة فهذا بنظرهم أفضل من الخوض في معارك ينظروا إليها بأنها لا تعنيهم لكنهم للأسف سيدركون قريبا انهم المستهدفين فيها وان محور المقاومة يدافع عن رفاهيتهم وعن وجودهم لان المخطط يستهدف الكل ويسعى للسيطرة على كل قدرات الأمة وثرواتها لتصبح تحت سيطرته ويكون هو المتحكم فيه من غاز البحر المتوسط الي نفط الخليج وطرق الملاحة الدولية.
ويبقى السؤال أي شرق أوسط جديد قادم؟ ومن سوف يشكله أهل الحق؟ أم أصحاب الباطل؟ هذا ما سوف تجيب عنه تداعيات قادم الأيام..
يتبع
8 أكتوبر 2024م |