ريمان برس- خاص -
أتى اللاعب الجديد الهزيل يستعرض عضلاته في حلبة الصراع ولم يأبه به أحد، بل إنهم أفسحوا له المجال للدخول إلى حلبة الصراع، أراد الجميع أن يضيفه كجوكر للعبته بناءً على نظرية الفهلوة، الجميع خاطب وده ليس لأنه الأقوى، ولكن ليستخدمه في إرهاق خصومه حتى يستأثر لنفسه بالضربة القاضية بكل أريحية وهنا كانت الكارثة، كان هذا اللاعب الهزيل يمتلك جمهور خفي متنكر وحُكام متنكرين وحلبة رخوة تمرّس عليها واستغل هشاشتها وجهل الآخرين بها.
بدأ الصراع وصفق له الجمهور بحرارة وباستهزاء!
أودى بخصومه واحداً تلو الآخر وما زال هناك من يعتقد أن هذا لصالحه وأنه سيظل محتفظ بكل قوته التي تمكنه من القضاء على اللاعب الهزيل المتعب حين يقرر ذلك، لكن للأسف في كل مرحلة يزداد الخصم قوة على حساب تشرذمهم وتلاشي جمهورهم بالتدريج.
ففهلوة قيادات الدولة والمعارضة في التعامل مع الحوثي جعلت منه قوة تجتاح اليمن.
الفهلوة وعدم دراسة قوة الحوثي المتصاعدة والأسباب والعوامل التي أدت إلى ذلك وانتظار الحوثي حتى يقضي على أحد الخصوم ليتسلم الخصم الآخر الحكم على طبق من ذهب كان استنتاج لنظرية قائمة على الفهلوة.
حتى الشعب أصبح يراهن على فهلوة قيادات حزبه أو شيخ قبيلته أو زعيمه ليخلصه من الحوثي ومن الخصوم الآخرين دون أن يتعب نفسه أو يستخدم عقله أو يقيم موقفه من حدث معين استمرت الحرب تدار بطريقة الفهلوة فالشرعية التي يدعمها العالم لم تقدم أي دراسة واحدة لما حدث أو لما سيحدث أو ما يفترض عمله........الخ.
لكم أن تتخيلوا أو بالأصح أن تتذكروا كم ظلت حكومة الشرعية وهي في حالة حرب بدون وزير دفاع وفترة بدون وزير خارجية وأخرى بدون سفير في الأمم المتحدة ومازالت لا تمتلك سفير للجمهورية اليمنية في الولايات المتحدة الأمريكية الدولة التي إذا قررت قلب الموازين سوف تقلبها في لحظة، بينما الحوثي يمتلك جيش من السفراء المتخفين بلباس المنظمات والجمعيات و.... فينقل الصورة التي تعمل على جعل الحوثي طرف فاعل وضروري في الساحة اليمنية!
هل سمعتم بدولة لا تأبه بذلك في ظل الحرب إلا إذا كانت تعتمد نظرية الفهلوة في إدارة الدولة؟!!!
هل سمعتم بدولة تعيش الحرب وليس لها مؤتمر صحفي يومي يوضح سير المعركة ويطمئن المواطنين؟!!!
دولة الفهلوة جعلت المواطن يبحث عن أخبار بلده من المحطات الأجنبية التي تزيده تضليلاً وتوهاناً.
دولة الفهلوة تركت مأرب وتعز تواجه مصيرهما لتتجه جنوباً نحو تحرير المحرر وكأنها قد بسطت نفوذها على العاصمة صنعاء.
دولة الفهلوة نقلت البنك وتركت الإيرادات والتحكم للإنقلابين ونجحت في وقف صرف مرتبات الموظفين دولة الفهلوة وقعت سلام في جبهة الحديدة أكثر الجبهات استنزافا للحوثي؛ وتركت بقية الجبهات دون تفاوض وغيرها الكثير من القرارات غير المبررة وغير المدروسة والتي تعتمد على التخمين والتي غايتها مصلحة أفراد وجماعات بعينها.
أقول وبكل أسف
إن تربية الفهلوة التي تغلبت على الإهتمام بالأسس العلمية لاستنتاج الأحداث والتنبؤ بمجرياتها التي تتلمذنا عليها وألفناها في مؤسساتنا التعليمية وكل مرافق الدولة، قد أثرت حتى في الفئة المتعلمة وهذا ما يتضح جلياً من خلال متابعة تحليلاتهم وتبريراتهم ووجهة نظرهم التي تعج بها مواقع التواصل الإجتماعي لتلك النخبة من المتعلمين، والتي تجد معظمها تفتقر للمنطق العلمي ويغلب عليها التأثر بما ينشر بهذه المواقع ولا تعتمد على أي دراسة علمية أو قراءة منطقية للواقع المعاش بعيداً عن الواقع الإفتراضي.
ستستمر الحرب طالما منطق الفهلوة يزيح المنطق العلمي عن المشهد ويجعل الجميع يتكالب عليه ويشكك فيه ليستدل على صحة توقعه بالمنشورات والتغريدات البعيدة عن الواقع والتي في الأغلب يقف وراءها تجار الحروب والمستفيدين من استمرارها.
ولهذا تجد الشعب اليمني يعيش في حيرة من أمره ولا يستطيع معرفة ماذا يريد وما هو الحل ومن هو عدوه من صديقه.
ختاماً
لن تستخدم القيادات الحالية أي منطق علمي عقلاني في الوقت الراهن لأنه لا يخدم مصالحهم ولهذا فالمتضرر هو من يتوجب عليه التمسك بالتفكير العلمي الذي يدرس الحقائق ويعيش المعاناة ويكتوي بنار الحرب، ليستخلص بفكر نير وعقل متفتح ما يتوجب عليه فعله بعيداً عن الأخبار التي تروج والمنشورات التي تدون والفهلوات التي تمارسها الأحزاب والتحريضات التي تستغل فيها المشاعر الدينية والوطنية التي تدفعنا إلى الإستمرار بتوقعات خاطئة واستنتاجات أكثر خطأً.
إن المسؤولية تقع في الأول والأخير على النخب السياسية وعلى المحللين الذين يظهرون على الشاشات من أجل المائة الدولار لا من أجل الوطن!
كل ما يتسلح به الخبير الإستراتيجي والمحلل العسكري، بدلة وكرفته بدون أي مستندات تدعم تحليلاته، يدلو برأيه الذي يفتقر لأي دراسة أو بحث أو استقصاء، فكل تحليلاته (اعتقد وعلى ما يبدو ويظهر و...........الخ)
إنهم أداة فعالة في نشر الضلالات والتنبؤات الخاطئة وزيادة حيرة وجهل أبناء الشعب وجعلهم يركنوا إلى الخنوع والإستسلام لمصيرهم المجهول.
لم أتطرق لهذا الموضوع لكي نحاسب بعضنا على ماضي انتهى أو نلقي التهم على الآخرين أو لتصفية حسابات خاصة تصب في مصلحة حزب أو جماعة أو منطقة أو سلالة - فالجميع أخطأ بحق اليمن وإنما لكي نتدارك ما يمكن تداركه ونستفيد من أخطاء الماضي ونبدأ بداية صحيحة فليس الهدف استعادة الدولة فقط مع الإستمرار في نظرية الفهلوة وإنما غايتنا بناء دولة تنموية تقف على قواعد ثابته واُسس علمية ودراسات استشرافية تستفيد من هفوات الماضي وتتطلع إلى بناء مستقبل أفضل لكل أبناء الشعب اليمني شماله وجنوبه.
دولة المساواة والعدل، دولة البناء والتنمية، دولة المحبة والتسامح، دولة تقوم بواجباتها قبل المطالبة بحقوقها.
نصيحة أخيرة لابد أن نتحرر من تأثير مواقع التواصل الإجتماعي على أفكارنا وقراراتنا وسلوكنا ومواقفنا من القيادات التي تعبث باليمن وبمستقبلنا ونترك الإصطفاف خلف الفاسدين وليكن قربنا وبعدنا عن القيادات يقاس بقربهم وبعدهم عن الوطن لا من الحزب أو القبيلة أو المنطقة أو ............الخ. إذا استشعر القادة أننا تحررنا من أسرهم ولم تعد تنطلي علينا ألاعيبهم وخططهم التي تمارس للتفرقة بيننا كمواطنين أكتوينا بنار الحرب ونار الفساد، حينها فقط سيجبرون على تغيير أساليبهم لكي يستجدوا رضى شعبهم وإن أكثر ما يخيف الحاكم الفاسد هو الشعب الواعي ذو الرأي الحر والفكر النير فالتبعية العمياء والإنقياد المطلق هو البيئة الخصبة لتكاثر الفاسدين وتسلطهم..
حفظ الله اليمن وجنبها فهلوة المحتالين من قادة وتجار الحروب.
د. صباح المخلافي |