ريمان برس_ خاص -
عام 2011م وحين بدت موجة ما يسمى ب ( الربيع العربي ) والذي لم يكن سوى ( ربيعا عبريا ) بامتياز في بداية أحداثه في ( تونس ) ثم أنتقل إلى ( مصر ) وبعدها ( اليمن ) قلت ربما يكون هناك دوافع ذاتية وموضوعية لحدوث ما حدث في هذه البلدان لكن حين أنتقل إلى الجمهورية العربية السورية أدركت يقينا أن هذا ( الربيع ) ليس ربيعا بل (خريفا ) حمل في تداعياته مؤامرة قذرة هدفها إسقاط سورية الدور والموقف والعقيدة والجغرافية ؛ يؤمها كنت على يقين بأن سورية سوف تنتصر على هذه المؤامرة الكونية ؛ وقلت وأتذكر جيدا ما قلته يؤمها ( أن خارطة العالم سوف تتشكل من دمشق ) وقد خالفني يؤمها _ البعض _ وسخر مني _ البعض _ الأخر ..!!
لكن ها نحن وبعد عقدا كاملا من المؤامرة نقراء عناوين الانتصار العربي السوري في أكثر من مشهد داخليا على المستوى العربي السوري أو إقليميا على مستوى المنطقة أو على المستوى الدولي ..
على مدى عقدا كاملا واجهت سورية الصمود والمقاومة المؤامرة الكونية بأطرافها الداخلية والإقليمية والدولية ؛ مؤامرة شاركت فيها 89 دولة كبرى من دول العالم على راسها أمريكا وبريطانيا وفرنسا ومعهما أغنى الدول الإقليمية للأسف وعلى راسها دول الخليج العربي التي فتحت خزائنها لأعداء سورية وأعدا العروبة والقومية والدين ..؟!
وفعلا وكما قلت ها هي خارطة العالم تتشكل من سورية وبفضل صمود سورية القيادة والجيش والشعب وتصديهم للمؤامرة وأدواتها تمكنت الجمهورية الإسلامية الإيرانية من الصمود في وجه الحصار الإمبريالي وفرضت أجندتها الاستراتيجية ؛ وتمكنت روسيا الاتحادية من العودة للمسرح الدولي كقوة كونية تواجه القطب الإمبريالي الاستعماري وأدواته ؛ وها هي الصين الشعبية تطل بدورها وتعيد خلط الأوراق على الخارطة الكونية ؛ وكل هذا ما كان له أن يكون لولا صمود سورية قيادة وجيش وشعب وتلاحمهما في مواجهة المخطط الاستعماري الإمبريالي الذي قادته ضدها واشنطن ولندن وباريس وبالتواطؤ مع أدواتهم الإقليمية من أنظمة القوى الرجعية العربية وأدواتها من فسيفساء الجماعات الإرهابية التي اتخذت من الدين ستار وغطاء لتمرير المؤامرة القذرة التي تحاك ضد الوجود القومي العربي والمتمثل بأخر قلاع العروبة وحصنها ( سورية ) ..
سورية التي واجهت المؤامرة واسقطت مشاريعها بدءا من إسقاط ما اصطلح بتسميته مشروع الشرق الأوسط الجديد وصولا إلى ( صفقة القرن ) التي اكتفى أذنابها في واشنطن وبقية العواصم الاستعمارية بدفع اذنابهم في المنطقة إلى الهرولة نحو التطبيع بعد مساومتهم وهي محاولة بائسة وفاشلة وغير مجدية لكنهم جعلوا من ( التطبيع ) ما يمكن وصفه بمحاولة تجميل الوجوه القبيحة وتبرير فشل الفاشلين مع علم عرابي التطبيع أن هذه المحاولة لا جدوى منها ولا جدوى من أطرافها في تغير المعادلات أو استحداث وقائع جديدة تكفيهم لتكريس الوجود الاستيطاني للعدو التاريخي للأمة ..
عقدا كاملا من العدوان سجلت فيه سورية سلسلة انتصارات حضارية وعلى مختلف الجبهات العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية رغم المؤامرة وبشاعتها والحصار ووحشيته ؛ وقد ادركت دول العدوان بعد عشر سنوات من التأمر فشلها في اسقاط سورية وفشلها في تمرير مخططها التأمري على الأمة ووجودها وها هي سورية ثابته كدولة وقيادة وشعب تمارس رسالتها الحضارية في تعزيز وجودها الدستوري وشرعيتها الوجودية كدولة ذات سيادة وقد قامت بعدة إجراءات دستورية خلال فترة المؤامرة بدءا من الاستحقاقات النيابية وانتخابات أعضاء مجلس الشعب ثم الانتخابات الرئاسية الأولى التي جرت قبل عدة سنوات وفاز بها السيد الرئيس الدكتور بشار حافظ الأسد وهذه هي الانتخابات الرئاسية الثانية التي تجري في ظل مواجهة المؤامرة هذه المواقف لا تدل إلا عن ثقة هذه الدولة القومية بقدراتها وبمواقفها وبسلامة مسارها الحضاري والتاريخي كقوة إقليمية اسقطت منظومة المؤامرة الكونية واسقطت سورية بمواقفها كل أوراق التوت عن القوى الاستعمارية التي توارت خجلا كما يبدو خلف منظومة هزيلة من الكيانات العميلة دافعة بها نحو التطبيع مع العدو الصهيوني في محاولة منها للتغطية عن فشلها في تحقيق هدفها الاستراتيجي الذي صنعت من أجله ( الربيع العبري) وهو اسقاط سورية أو تطويع دورها واخضاعها للمنطق الاستلابي الاستعماري وتحويلها إلى كيان هزيل فاقد الإرادة والقدرة على الفعل مثلها مثل بقية أنظمة العهر العربي التي تسمى مجازا دول وهي مجرد كيانات هزيلة لا تملك من أمرها شيء ..؟!!
لم استغرب يوما مما تصنعه ( دمشق ) وقيادتها من مواقف وعلى مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية فثقتي بقدرة سورية وقيادتها كثقتي بوجود الله سبحانه وتعالى ولم اشك يوما بقدرتها على الصمود وتفكيك المخططات الاستعمارية وفضح أدواته ؛ كذلك لم اشك يوما بقدرتها بأن تعيد تشكيل خارطة العالم بصمودها وصلابة مواقفها فلولاء صمود (دمشق ) لما صمدت ( طهران ) ولا عادة (موسكو ) للواجهة ولا أطلت ( بكين ) بدورها المرعب لكل المحاور الاستعمارية القديمة .. !!
دمشق الحاضرة القومية والسور الذي تتحطم على أبوابها وجدرانه كل المؤامرات الاستعمارية لم تقف بدورها في نطاق الدفاع الذاتي وحسب بل دفعت محور المقاومة لمزيدا من التماسك والتلاحم وربطت عواصم الفعل من صنعاء إلى بيروت مرورا بطهران وصولا إلى موسكو وبكين وحتى كراكاس في أمريكا الجنوبية دون أن نغفل تأثير فعلها على الداخل العربي الفلسطيني بكل متطلباته ؛ الأمر الذي دفع المحاور الاستعمارية إلى إعادة ترتيب أوراقها وخططها إدراكا منها بالفشل الذي لحقها طيلة العقد المنصرم وما يجري اليوم ويقال من قبل المحور الاستعماري وأدواته الإقليمية هو ما يمكن القول إنه يندرج في سياق التراجع الخجول والتواري والبحث عن مخارج آمنة تحفظ لها مياه وجهها القبيح ..
تحية إجلال وتقدير لحاضنة العروبة والقومية وعاصمة المقاومة سورية ولقيادتها القومية ولجيشها المغوار ولشعبها العربي الأصيل الذي حمل من الوعي الحضاري ما مكنه من اسقاط كل وسائل العدوان بما في ذلك الحصار الغير أخلاقي والغير إنساني ولكن كل هذا سيزول قريبا وستعود سوريا كما عهدناها دوحة العروبة والقومية وعاصمة المقاومة والتحدي.. كل التحايا للجمهورية العربية السورية الأرض والإنسان والقدرات . |