ريمان برس - خاص -
ليس هناك أعظم من هذا الشعب ، وليس هناك على خارطة الكون ومن مخلوقات الله من يتحمل ويصبر كما هو حال الشعب اليمني .. وأجزم كذلك أنه لا توجد من مخلوقات الله على الارض من يعيش عيشة الشعب اليمني ، حتى أن المراقب الذي لا يعرف طبيعة هذا الشعب ولا يعرف تاريخيه وتركيباته الإجتماعية والقبلية ، إذا ما تأمل واقع الحال اليمني وفق تداعيات اللحظة الوطنية ودراميتها يجزم قاطعا بالقول ( أن هذا الشعب هو أغبى شعوب الأرض قاطبة ، وان الغباء الذي أوجده الخالق في بعض مخلوقاته ، تراكم كله وأنسكب في اليمن وحدها ) ..؟!
نعم هكذا ينظر لنا المراقبين الذين يتأملون لواقعنا ويراقبون ما يجري فيه عن بعد ويتأملون في ولائنا الذي أنحصر في ( رموز ) وغاب فيه الولاء للوطن وحتى للذات الوطنية ، ويقيسون مواقفهم ويصدرون احكامهم وفق قناعتهم وإنطلاقا من ثقافتهم المكتسبة وقيمهم الحضارية ..
بيد أن تداعيات _ اللحظة الوطنية _ تحتم على أي عاقل التوقف أمامها وأستنتاج مراميها وأبعادها ودوافعها وأهدافها ، وأقصد بالحالة أو بالتداعيات التباينات القائمة بين ( المؤتمر وجماعة الحوثي ) الذين لم يكونوا ( حلفاء) ولم تكن بينهم ( قواسم مشتركة لإقامة تحالف ) بل قامت بينهم ( علاقة أمر واقع ) وهي العلاقة التي أوجدت ( تحالف أمر واقع ) أجبر عليه المؤتمر كما أجبر عليه ( الحوثة ) بفعل تطورات الاحداث ودراميتها ، وبفعل إخفاق ( وثيقة السلم والشراكة بين شرعية هادي والحوثة ) الذين وصلوا إلى العاصمة بموافقة ودعم وإسناد من ( شرعية عبد ربه _ وبموافقة سعودية _ أمريكية _ بريطانية _ ) وهي حقيقة أكدها محمد عبد السلام في تصريح هاتفي خص به ( قناة الميادين في برنامج اخبار الظهيرة يوم 22 سبتمبر 2014م حين قال حرفيا ( لقد دخلنا صنعاء بإتفاق وتفاهم مع جميع السفارات والبعثات الدبلوماسية المعتمدة في صنعاء ) ..؟!!
ويمكنكم العودة لأرشيف قناة الميادين وأستخراج التصريح المذكور فكل شيء سهل ومتاح وموثق ..
بعد ذلك تطورت الاحداث وحدث ما حدث بين ( الشرعية ورموزها والحوثة ) بسبب ( كذب الشرعية وأطماع الحوثة ) ..!!
فأنقلبت المعادلة وتحول ( صالح ) من خصم مطلوب للحوثة إلى حليف بحكم المصلحة الوطنية _ زعما _ لكن الواقع أن تحالف ( صالح _ الحوثي ) فرضته عوامل أخرى _ لست مخولا بذكرها هناء _ ثم جاء _ العدوان _ وأدرك الطرفان ( صالح _ الحوثي ) أنهما المستهدفان ، وكان ( صالح ) مدركا لهذا مبكرا ولأنه كذلك فقد وجه اتباعه لتسليم كل البلاد للحوثة وعدم اعتراضهم أو الوقوف ضدهم أو التصدي لممارساتهم وكان بمقدوره فعل كل ذلك ، ولكن لو كان أقدم على هذه الخطوة لكان خسر الكثير هو وحزبه ، ولكنه تعامل بدهاء وأدار اللعبة السياسية وبمهارة ، حدث هذا منذ اللحظة التي قرر فيه ( هادي ) أقتحام ( قناة اليمن اليوم ) وأمر بتوقيفها ، وقرر فيها ( الحوثة أقتحام معسكر صباحة ) ..؟!!
منذ تلك اللحظات أدار ( صالح ) اللعبة وبمهارة يحسد عليها وايظا يحترم لأجلها وأن أختلف معه البعض فالأمانة تقتضي إحترام ذكاء خصمك أو عدوك إنطلاقا من القول المأثور ( عدوا عاقل خيرا من صديق جاهل ) ..؟!!
إذ أستطاع ( صالح ) أن يحول ( الحلفاء _ هادي والحوثة ) إلى _ خصوم _ وتمكن من جرجرة ( الحوثة ) ومكنهم من إستكمال _ مهمتهم _ التي بداها ( هادي ) بإيصالهم إلى صنعاء ، فيما صالح تركهم يسيطرون على كل مقدرات البلاد وتشكيل ( سلطة الامر الواقع ) ومع تفجر الحرب وحدوث العدوان اصطف ( صالح ) إلى جانب غالبية الشعب الرافض للعدوان واعلن تحالفه مع ( الحوثة ) وهذا فعل طبيعي في مواجهة عدوان خارجي غير مبرر بل ومزيف خاصة حين يحاولوا ربط العدوان بالشرعية أو من أجل الانتصار لها ..؟!!
اليوم وبعد ثلاث سنوات من العدوان والفوضى يقف ( صالح وحزبه ) أمام جملة من الحقائق بعد أن اتضحت أيظا الكثير منها ومنها فشل ( الحوثة ) في كل الجبهات بما فيها جبهات القتال ، وكان فشلهم في إدارة مؤسسات السلطة والأجهزة هو الأسوى ، وبعد ان فقدوا جماهيريتهم وشعبيتهم ، وبعد ان ذهبوا يديرون حوارات ومفاوضات وراء الكواليس مع العدو بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ، وبعد ان فشلوا في الدفع بالمجلس السياسي وحكومة الإنقاذ للقيام بدورهما الوطني المطلوب ، وبعد أن اتضح أنهم حصروا كل انشطتهم وتحركاتهم في تحقيق الثراء الخيالي والجنوني ، والاستحواذ على الوظائف والبدء بفرض قيمهم الثقافية بما في ذلك البدء في تغيير المناهج والسيطرة على المرافق التربوية والتعليمية من الحضانة حتى الجامعة والمضي في إعادة هيكلة هذه المرافق دون مراعاة الشعور الوطني العام ، كل هذه السلوكيات وضعت ( صالح والمؤتمر ) ، وقبلهما المجتمع الدولي امام خيارات لم تكن متاحة عند بدء العدوان ، إذ وعلى المستوى الدولي والإقليمي فشلت ( الشرعية ) في القيام بدورها وعجزت بالوفاء بتعهداتها ، بل اخفقت ان تكون ( شرعية ) وان على أضيق نطاق ، بل فشل ( هادي ) ولم يرتقي بدوره حتى لمستوى دور رئيس حكومة الصومال المؤقتة ( شريف حسن شيخ ) ..؟!
فيما اللواء علي محسن لم يرتقي بدوره لمستوى دور الجنرال ( عيديد ) مع عدم جواز _ المقارنة _ فعيديد سحل جنود المارينز بينما ( محسن ) جلبهم لبلادهم ..!!
وفق هذه الصورة السريالية المبهمة الاطياف وجد العالم الخارجي بكل مؤسساته أنفسهما يعودان للتسليم بخيار _ المؤتمر _ كمكون مؤهل لإدارة دولة وسلطة بتوازن تقبله جميع الاطياف بمعزل عن ( صالح ) الذي بدوره لا يريد سلطه ولا يرغب بها ، لكنه قطعا يريد تأمين _ حزبه _ وأتباعه وفرضهم كشركاء في المرحلة القادمة ، ولكن بشروطه وهناء تكمن العقدة ..!!
مهرجان 24 اغسطس ليس مجرد مهرجان قطعا وهذا ما يخشاه فيه _ الحوثة _ إنه مهرجان الولاء للثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية والتحولات ، مهرجان منه ستكون الإنطلاقة لإعادة بناء اليمن بمعزل عن الحالة ( السفسطائية ) التي نعيشها أو أجبرنا على أن نعيش فيها ..!!
المسألة من العدوان لا جدال فيها ولا حولها ، ولا يوجد من يمكنه ان يساوم بها إلا من سبق له وبدءا في المساومة من وراء الكواليس ..
أن المؤتمر الشعبي العام بتاريخه ومنهجه الفكري والثقافي ومشروعه السياسي وتجربته وعلاقته الجماهيرية وبوسطيته واعتداله وتوازنه ، وايظا بقيادته وزعيمه وكوادره مطالب بأن يعلن يوم 24 اغسطس موقفا واضحا وصريحا من كل التداعيات الجارية في البلاد ومن كل هذه الفوضى ، مطالب أن ينحاز للثورة والجمهورية واهدافهما ، مطالب ان ينحاز للوحدة والديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية ، مطالب أن ينحاز للوطن والشعب ، مطالب ان يمحاز لثقافة الحياة ضد ثقافة الموت ، مطالب ان ينحاز للسلام وسلام الشجعان ، مطالب ان يمحاز للبناء والتنمية والإعمار ، مطالب أن ينحاز للوطن والشعب وثوابتهما الوطنية .
أن يوم 24 أغسطس قطعا لن تكون كبقية الأيام التي مرت قبله ، والايام النالية لن تكون أيظا كما الأيام الماضية ، وبالتالي مطلوب في 24 اغسطس موقف مؤتمري يجسد افكار ورؤى ومنهج المؤتمر التي حملتها ادبياتها وبرامجه وخطابها وتاريخه ومسيرة البناء والتنمية التي قادها ، لانريد مهرجان خطابي من المؤتمر وإلا كان هوالخاسر الاكبر ، بل نريد مهرجان وطني ، مهرجان ينقذ الوطن والشعب ، مهرجان يعلن فيه المؤتمر ان اللعبة انتهت وان على الفوضى ان تنتهي والعبث .
ان الداخل والخارج وكل العالم يرقب ما سيحدث في 24 اغسطس والمؤتمر عليه ان يكون بحجم الوطن والمسئولية وان يجعلها يوم لإنقاذ الوطن من الفوضى والعبث والاستهتار وهذا الجنون الذي لا يحتمل ..فهل يفعلها المؤتمر ..؟ هذا ما نأمله منه ونرجوه .. |