ريمان برس - متابعات - وكالات - أكد الشيخ الداعية أمين سيف سعيد نمران عضو جمعية علماء اليمن، انه لا يتم إسلام المرء الا بتأدية زكاته كاملة وعلى الوجه المطلوب في الشرع كونها ركنا من أركان الاسلام ، وبها يعصم المرء دمه وماله، ولا تقبل صلاة المرء المسلم الا بتأدية الزكاة .
وقال الداعية نمران في حديث لوكالة الأنباء اليمنية /سبأ/ " إن الممتنع عن أداء الزكاة المنكر الجاحد بوجوبها، يعتبر مرتدا وتجري عليه أحكام المرتدين... اما الممتنع عن ادائها لبخل أو بحجة أن الولي ليس عادلا ونحو ذلك من الأعذار فعلى الإمام أو ولي الأمر أن يأخذها منه قهرا ويعزره كما أجمع جمهور الفقهاء ، أما الممتنعين الخارجين عن قبضة الامام أورئيس الدولة، فهم بغاة وله أن يقاتلهم عليها باعتبارهم عصاة لا كفرة ما دام انهم مقيمون على أصل الدين.
مبينا بان القصد من فرض الزكاة معالجة الكثير من المشاكل المادية والروحية في المجتمع.. مؤكدا أن الزكاة تدفع للدولة فقط ولولي الامر وأنه لا مبرر ولا مسوغ على الإطلاق لعدم دفعها للدولة وأن ذمة المزكي لا تبرأ حتى يدفعها للدولة طاعة لله ولرسوله ولولي الأمر كما هو مقرر شرعا... فإلي الحوار التالي:
لما على المرء ان يخرج زكاة عن أمواله؟
ـ تعتبر الزكاة ركنا من أركان الإسلام لا يتم إسلام المرء إلا بتأديتها تأدية كاملة على الوجه المطلوب في الشرع، كما ان المسلم لا يكون معصوم الدم والمال إلا اذا أدى الزكاة لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله(ص):" أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإن فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله" رواه الشيخان البخاري ومسلم..
وتأتي فريضة الزكاة ركنا ثالثا من أركان الإسلام لحديث حبر الأمة وترجمان القرآن عبدالله بن عباس رضي الله عنه أن النبي بعث معاذ بن جبل إلى اليمن، فقال له:" إدعهم إلى شهادة ان لا اله الا الله وإني رسول الله، فإن اطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك فأعلمهم ان الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم" رواه البخاري ومسلم.. وحديث ابن عمر المتفق عليه بين الشيخين مرفوعا إلى النبي (ص) قوله: " بني الإسلام على خمس وذكر منها إقامة الصلاة وايتاء الزكاة".
ولقد كانت الزكاة من الأمور التي يبايع عليها من يريد الدخول إلى الاسلام كما جاء في حديث جرير بن عبدالله البجلي قال:" بايعت رسول الله(ص) على إقامة الصلاة وايتاء الزكاة والنصح لكل مسلم" رواه البخاري ومسلم..
ويحق للدولة اخذها ممن يمتنع عن دفعها بالقوة لما رواه البخاري ومسلم عن خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر الصديق رضي الله عنه قوله:" لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، والله لومنعوني عناقا،- وفي لفظ للإمام مسلم لومنعوني عقالا- كانوا يؤدونها الى رسول الله(ص) لقاتلتهم على منعها".
ولم يجعل الله تعالى الزكاة قرينة بالصلاة في الشريعة الاسلامية فحسب وانما جعلها فرضا كالصلاة في كل الأديان، حيث يخبر الله تعالى عن إسماعيل عليه السلام في سورة مريم إنه كان يأمر أهله بالصلاة والزكاة حيث قال تعالى" واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا، وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا".. وأوصى نبيه عيسى عليه السلام بالصلاة والزكاة كما أخبر جل شأنه في الآيتين 30، 31 من سورة مريم " قال إني عبدالله آتاني الكتاب وجعلني نبيا، وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا".
وقد جعل الله تعالى الزكاة في شريعتنا الإسلامية قرينة للصلاة لتلازم الفريضتين ووجوب الأداء ولاشتراكهما في الركنية إذ لا قبول لصلاة بلا زكاة، وفي آيات كثيرة اقترنت الزكاة بالصلاة، والصلاة في الزكاة في القران الكريم :-
1- "وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين" البقرة – الاية 43
2- " وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون". النور- الاية 56
3- " فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأعتصموا بالله هو مولاكم". الحج- 78
4- " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة". البينة – 5
ـ ما المقصد من الشارع الحكيم في تشديده على الزكاة؟
أ مقصد الشارع الحكيم من فرض الزكاة معالجة الكثير من المشاكل المادية والروحية فحكمة فرضيتها لتطهير المزكي من الخطايا والذنوب لقوله تعالى في محكم التنزيل" خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها" . التوبة – الاية 103..
و فيها دليل على ان المسلم المزكي يؤمن بالغيب ويوقن بصدق الثواب والتطهير من الله تبارك وتعالى، لقوله جل شأنه" ذلك الكتاب لا ريب فيه، هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون".. سورة البقرة- الايتين 2، 3.
كما فرض الله الزكاة نماء للمال وبركة، فان المقدار الذي يدفعه المزكي يعود عليه بأصناف كثيرة من الخير في المال والحفظ له من الضياع ونوازل الدهر، قال تعالى" وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فاؤلئك هم المفلحون" سورة الروم- الآية 39.
وفي تأدية الزكاة استجلاب للرزق وسبب لنزول الغيث وفتح لبركات السماء والأرض لقوله تعالى" ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض".. سورة الأعراف – اية 69.. والبركة من السماء المطر، وبركات الأرض نبات الزرع وصلاح الثمر، كما ان في منعها حلول القحط وإجداب الأرض وعدم نزول المطر، كما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنه مرفوعا الى رسول الله(ص) قوله خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله ان تدركوهن وذكر منها " وما منعوا الزكاة، إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا".. رواه ابن ماجه وصححه الألباني في صحيح الجامع.
وتساهم الزكاة في سد حاجة الفقير والمحتاج وترفعه من الإهانة، و في دفع الزكاة تمتين لروابط الأخوة الإيمانية تجسيدا لقول النبي (ص) " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين آصابعه". رواه البخاري .. كما يتحقق بدفعها لمستحقيها وإخراجها على وجهها الشرعي الصحيح استقامة القلوب على المنهج الرباني وتماسك بنيان الأمة ونبذ الحقد والغل وردم الهوة بين الفقراء والاغنياء ويحقق التوازن الاجتماعي ويحد من الجوع والفقر.
هل يجوز دفع الزكاة للفقراء مباشرة؟
ـ ينبري كثير ممن لا علم عندهم لاقناع العامة بعدم دفع الزكاة إلى الدولة بحجة التشكيك في وصولها إلى مستحقيها او بإدعاء الفساد أو الظلم ويوعزون إليهم بدفعها إليهم إما عبر اشخاص أو جماعات بعينها، وهذا خلاف ما استقر عند أهل العلم من الصحابة والتابعين.. إذ الدولة تصرف على التعليم والصحة والجيش ومرتبات شبكة الضمان الاجتماعي،وفي مجال البنية التحتية وولي الأمر وحدة هو من أناط به الشرع الحكيم توزيع الزكاة على مصارفها الثمانية.. ولا يجوز للمسلم المزكي الخروج عن الطاعة ، ولا تبرأ ذمته الا بدفعها للدولة، وللدولة فقط..
والدليل الشرعي على ذلك، ما أخرجه الإمام عبدالرزاق الصنعاني في( المصنف)والذي اطلق عليه شيخ الإسلام الذهبي( خزانه علم)، فقد أخرج عبدالرزاق عن معمر عن سهيل بن ابي صالح عن ابيه قال:" اجتمع عندي مال، فذهبت الى ابن عمر وابي هريرة وابي سعيد الخدري وسعد بن ابي وقاص، فأتيت كل رجل منهم وحده، فقلت : إنه إجتمع عندي مال، وإن هؤلاء يضعونها حيث ترون- يقصد الولاة- وإني قد وجت لها موضعا فكيف ترون؟ فكلهم قالوا: إديها أليهم- اي الى الولاة-
وقال محدث الشام حبيب الرحمن الأعظمي رحمه الله معلقا:" تأملوا معي كيف أن أربعة من أصحاب محمد رسول الله(ص) قد أمروا أبا صالح ان يدفع الزكاة للولاة رغم تأكيده لهم ان الولاة لا يضعونها في مواضعها وانه وجد لها موضعا لم يوافقوه.
وهناك دليل آخر ما جاء في مصنف عبدالرزاق الصنعاني أيضا ، عن معمر عن قتادة قال:" جاء رجل يسأل بن عمر عن زكاة مال، فرد عليه عبدالله بن عمر: إدها إلى ولاتك وان تمزقوا لحوم الكلاب على موائدهم"..
وبهذا يتضح لكل ذي لب وبصيرة انه لا مبرر ولا مسوغ على الاطلاق لعدم دفعها للدولة وان ذمة المزكي لا تبرأ حتى بدفعها للدولة طاعة لله ولرسوله ولولي الامر كما هو مقرر شرعا.
ما حكم كل من: الممتنع عن الزكاة؟ ومن يخرجها بأقل من مقدارها الشرعي؟
ـ نعم.. هؤلاء الممتنعون على ثلاثة ضروب، الضرب الأول: الممتنع المنكر الجاحد بوجوبها، يعتبر مرتدا وتجري عليه أحكام المرتدين... أما الضرب الثاني الممتنع عن ادائها لبخل أو بحجة أن الامام ليس عادلا ونحو ذلك من الاعذار فعند جمهور الفقهاء ، ان على الامام او ولي الامر ان يأخذها منه قهرا ويعزره .. هذا ويرى الامامان يحيى والهادي ان الامام يأخذها قهرا منه وشطر من ماله عقوبة له وتغريما ، وكذلك قال الامام الشافعي.. فيما الضرب الثالث من الممتنعين فهم الخارجين عن قبضة الامام او رئيس الدولة، وهم هنا بغاة وللامام ان يقاتلهم عليها باعتبارهم عصاة لا كفرة ما دام انهم مقيمون على اصل الدين، وقال الامام الشوكاني رحمه الله:" فاما مانعوا الزكاة المقيمون على اصل الدين فانهم اهل بغي ولم يسموا كفارا وان كانت الردة اضيفت اليهم لمشاركتهم في منع بعض ما منعوه من حقوق الدين".
اما حكم من يخرج زكالة ماله باقل من المقدار الشرعي ، فهذا ضرب من الخيانة وعدم الصدق مع الله وهو القائل سبحانه:" والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون". صدق الله العظيم... فالزكاة حق الله في ماله ليس له من يتصرف فيها وفق أهوائه ولا ان ينتقص من مقاديرها ، وقد اخرج الامام احمد بن حنبل في المسند والامام بن حبان في صحيح ابن حبان، والحافظ الامام ابو بكر بن ابي شيبة، من حديث انس بن مالك رضي الله عنه قال:" قال رسول الله(ص)، لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له"... وقال الشيخ الالباني :" فالكذب والخيانة صفات ذميمة يتصف بها المنافقون ، ولا ينبغي للمؤمن ان يكون كذابا او خائنا"..
متى موعد اخراج الزكاة في رمضان ام في اي شهر؟
ـ لحديث ابن عمر، ان النبي (ص) قال:" لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول". رواه الترمذي وابو داود وابن ماجه وصححه الالباني رحمه الله.. فاذا تم للأموال حول زكاها صاحبها وإن لم يدخل شهر رمضان، وليس شرطا ان تكون الزكاة في رمضان، ويعني بهذا سائر الأموال باستثناء الحبوب والعنب والتمر والثمار، فانها تزكى عند حصادها وصلاحها و لا علاقة لها بالحول البتة .. واما الخلط الذي وقع فيه البعض فهو ما ورد عن رسول الله(ص) انه كان في الجود كالريج المرسلة وكان أجود ما يكون في رمضان، نقول لهم ان هذا كان في صدقة التطوع حيث يطلب من الميسورين والتجار كثرة الصدقات من أموالهم في شهر رمضان تأسيا واقتداء برسول الله(ص).. اما الزكاة فهي حق لازم أوجبه وفرضه الشرع عليه وهامش التصرف فيه منعدم ويسلم للدولة التي أناط بها الشرع صرفه في مصارفه الثمانية المعروفة.
والبعض اعتاد ان يزكي امواله في رمضان.. فيصير من رمضان الى رمضان حول كامل، ومع الزمن صارت عادة ، وصارت الزكاة مرتبطة برمضان.
سبأ |