ريمان برس -

أن علاقة الإنسان المسلم بربه علاقة مريبة وعابرة غالبا، لأن هذا الإنسان بكل ما يحمل في نفسه الأمارة بالسوء من نوازع واطماع دنيوية وشهوات وحب الذات والدنيا، فعل كل هذا على حساب دينه واخرته فكان أن أخذته الأولى عن الأخرة مجسدين أنانية أبوهم الأول أدم الذي كان يعيش في نعيم الجنة، فوسوس له "إبليس" واقنعه أن ربه لم يمنعه من تلك الشجرة والاقتراب منها، إلا ليحرمه الله من أن يكون ملكا أو يكون من الخالدين..!
وصدق أدم أن قربه من تلك الشجرة سوف يفتح له المزيد من النعيم وانه قد يصبح ندا لخالقه، لكن بعد أن فعل ما فعل وخالف امر الله اكتشف خطائه وتوسل التوبه والغفران من الله، فغفرا الله له ولكنه أمره أن ينزل للأرض هو وإبليس عدوه وعدو الله، وأمره أن ينتظر أوامر الله وهداه ومن يتبع هدي الله فهو الفائز برضاء الله، لكن الإنسان ورغم غضب الله ونزوله للأرض ظل هو ذلك المخلوق العجيب والغريب الذي سخر عقله من أجل نزواته متجاهلا تعاليم خالقه غارقا في بحر نزواته ولم يكن الله سبحانه وتعالى يجهل هذه الصفات فيمن خلق بل سبحانه يدرك كل هذه الحقائق وكل هذه التصرفات التي سوف يتصرف بها الإنسان في الأرض مع ذاته مفرد  ومع بعضهم كمجتمع، ولم يتردد سبحانه في تعريف الإنسان بالعقاب الذي ينتظره عن كل مخالفة يرتكبها، مقدما ايظا الكثير من الحوافز لهذا المخلوق البشري منها ان الحسنة أن قام بها يلاقي مقابلها عشر حسنات وان السيئة لا تجازي إلا بمثلها، أي الحسنة بعشرة حسنات، والسيئة بواحدة فقط، سبحان الله ما اعظمك يا الله وما أكرمك وارحمك بعبادك الذين يجهلون عظمتك "وما قدروا الله حق قدره"..!
التحولات التي شهدها الجنس البشري رافقها جدل غير عادي بين هذا المخلوق وخالقه الذي ارسل الرسل تباعا لكل قوم على حده، واستخدم سبحانه كل وسائل الترغيب والترهيب مع هذا المخلوق العجيب الذي اعطي نفسه مكانة وجودية بفضل العقل الذي منحه له خالقه وميزه به عن سائر مخلوقاته، ومع ذلك ظل هذا المخلوق ولايزل ظلوما جهولا رغم المرحلة الحضارية التي بلغها بفضل أعمال العقل وبفضل العلم الذي نراه قد بلغ ذروته ومع ذلك يظل قول الخالق هو السائد "وما اوتيتم من العلم الا قليلا" و" فوق كل ذي علم عليم" سبحان الله ما اعظمه وارحمه بعباده.
يتبع