ريمان برس -


المبدع لم تنصفه السلطة ولن ينصفه الإنترنت ومنصات التواصل الإجتماعي

علاقتي مع الصحف المحلية اليومية كعلاقتي بنص المرتب المقطوع



يجمع الأستاذ ردمان الأديب مدير عام الهيئة العامة للكتاب في محافظة إب، بين نبل وشهامة القبيلي الأصيل ووعي ودراية المثقف والكاتب العميق، وهو في هذ الحوار يجنح كثيرا للنصف الأول وينحاز كثيرا لذلك الإرث الإجتماعي ولتلك الجذور الضاربة في عمق التاريخ، لكنه انحياز يليق بسليل أسرة توارثت مكارم الأخلاق وسمو المكانة الرفيعة وكانت على الدوام رائدة في دفع كل ما هو مدني للأمام، أترككم في هذا الحوار الذي يكشف خفايا وجوانب شيقة، ويختزل محطات ومنعطفات في حياة ضيفنا الكريم، وإليكم نص الحوار:

حوار/ نشوان النظاري

عقود من القراءة

بداية .. هل يمكنك الحديث حول تجربتك الشخصية في عالم الكتاب، بصفتك قارئا ومثقفا وكاتبا ومديرا للهيئة العامة للكتاب في محافظة إب؟

– أولا، اشكركم على هذه الاستضافة عبر شبكتكم الإخبارية، وفيما يخص تجربتي الشخصية في عالم الكتاب، فقد بدأتها في سن مبكر عندما كنت طالبا في الابتدائية والإعدادية في الثمانينات حيث كنت وبصورة مستمرة اقتني لنفسي الإصدارات الثقافيه الخاصة بالنشئ أو الأطفال أولا بأول، والتي كانت تتناسب مع عمري حينها كمجلة ماجد ومجلة العربي التي حصلت على اشتراك من إصداراتها في تلك المرحلة، إلى جانب مجموعة من كتيبات تحتوي على الروايات والقصص الخاصة بالصغار والتي لم أعد أتذكر عناوينها لكني أذكر جيدا أنها كانت تهتم في جانب المغامرات والقصص البوليسية، ناهيك عن قراءتي اليومية لصحيفتي الثورة والجمهورية ومعظم المجلات التي تقع بين يدي لأنه وكما تعلم في تلك الحقبة الزمنية لم تكن المدارس منتشرة في المناطق الريفية وخصوصا بمديرية القفر وكان والدي الشيخ فارع أحمد الأديب، رحمة الله عليه، حريص على تعليمي وتطوير مهاراتي، لذا فقد أخذني وأنا في السادسة من عمري إلى العاصمة صنعاء لالحاقي في المدرسة، سافرت معه ومضينا في تجارب جديدة وحكايا طويلة، لكني سأعود إلى الجانب الثقافي لاستكمال الرد على سؤالك والذي أريد قوله أن متابعتي وقراءاتي لتلك القصص والكتيبات والصحف والمجلات جعلت القراءة والمطالعة هواية من هواياتي اليومية فلا يمر يوم من غير أن اقرأ كل ما يتوفر من كتب أو صحف ومجلات وظلت كذلك إلى عام 2014م.

الرواية الأكثر ألما

كيف تمضي الأمور في فرع هيئة الكتاب بالمحافظة؟ وهل أثرت الحرب على الفرع؟ وما هي رسالتك للجهات المعنية؟
– فرع الهيئة العامة للكتاب بمحافظة إب يعتبر بالنسبة لي القصة أو الرواية الأكثر ألما وحسرة بحياتي العملية، لأني وكما تعلم واحد من أبناء محافظة إب مديرية القفر وقد توظفت بشكل رسمي عام 1990م بالهيئة العامة للكتاب بالعاصمه صنعاء وكان من أهداف وخطط الهئية العامة للكتاب وتوجهاتها هو إنشاء المكتبات العامة في مدن وعواصم المحافظات اليمنية، وبحكم ارتباطي بمحافظة إب ومعرفتي بأن محافظة إب هي نبع للأدب والثقافة والدليل أنها أول محافظة تقوم ببناء مكتبة عامة مكونه من طابقين عام 1982م على حساب الأهالي دون تدخل حكومي وهو مايعرف حاليا (بكلية التربية)، وهذا مادفع بي أن أتقدم بمقترح إنشاء أول مكتبة عامة بمحافظة إب تقريبا في العام 1995م، وكانت ثقتي كبيره بأن هذا المشروع الثقافي والأدبي سيحظي باهتمام ورعاية وتعاون السلطة المحلية وكافة أبناء محافظة إب مثقفين وأدباء وشخصيات إجتماعية، خصوصا وأن معظم الشخصيات الثقافية والأدبية على مستوى الوطن ترتبط بالانتماء لمحافظة إب.

في العام 1996 تم تكليفي بالنزول إلى محافظة إب لمتابعة إنشاء وتأسيس المكتبة العامة، حينئذ استحسن المحافظ عبدالقادر هلال الفكرة وتفاعل معها ووجه بتسليم صالة بالمركز الثقافي للبداء بتأسيس نواة للمكتبة العامة بصورة مؤقتة وتم تأسيس مكتبة مصغرة في تلك الصالة بالمركز الثقافي في عام 2000م، وتزامنا مع افتتاح مبنى نادي الإتحاد الرياضي تم إبلاغي بنقل المكتبة العامة من المركز الثقافي إلى إحدى تلك صالات بالنادي، وتم عقب ذلك افتتاحها رسميا لكن بصورة مؤقتة إلى حين إستعادة المبنى الخاص بالمكتبة العامة والذي تم تسليمه، كذلك، بصورة مؤقتة لتأسيس كلية التربية التي كانت النواه الأولى لتأسيس جامعة إب.

المهم تم افتتاح المكتبة العامة بصالة نادي الإتحاد، ومارست المكتبة نشاطها الأدبي والثقافي وأدت رسالتها الثقافية صباحا ومساء من داخل تلك الصالة التي شهدت حراك ثقافي وادبي غير عادي وكانت مركز إشعاع وتنوير لكافة مرتاديها وقدمت خدماتها لطلاب الجامعات من خلال توفير الكتب والمراجع العلمية وتقديمها للطلاب الباحثين كمراجع لإعداد بحوثاتهم الأكاديمية بمختلف التخصصات العلمية وظل الوضع على ماهو عليه، ونشاط المكتبة يتوسع عاما بعد آخر ونحن نتابع ونطالب باستعادة مبنى المكتبة العامة المعار بشكل مؤقت لكلية التربية دون تحقيق لمطالبتنا بحجة أن الجامعة لا تزال بحاجه لهذا المبنى حتى عام 2009م، وأن الجامعة أهم من المكتبة العامة، وستظل نظرة الحكومة والمجتمع قاصرة نحو الكتاب والمكتبات العامة بشكل خاص ونحو الثقافة بشكل عام، واصدقك القول أنه لو كان هناك إهتمام رسمي حكومي وشعبي بالثقافة والمثقفين لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه من خراب ودمار لهذا الوطن، لو اهتمت الدولة والمجتمع بالثقافة وتنمية العقل البشري بثقافة الإنتماء الوطني وتم احتواء الشباب والمبدعين ووجدوا مساحة واسعة لنشر الوعي والفكر والتسلح بالعلم والمعرفة لكان بإمكان الجميع القضاء على تلك السلوكيات العشوائية وأهمها ظاهرة التسلح، والتسلح بالجهل أساس دمار المجتمع اليمني.



اضغاث أحلام

هل تحلم في عودة نشاط الهيئة العامة للكتاب بالمحافظة؟ وتطوير منظومة العمل، وتوفير مكتبات وفروع وأماكن ملائمة للقراءة، أم أنه حلم صعب المنال؟
– أصبحنا جميعا نعيش على أمل تحقيق أحلامنا، لكن لن أكذب عليك بالأحلام الوردية، فتجربتي العملية خلال ثلاثين عام تجعلني على يقين بأن آمالنا وأحلامنا التي كنا نتطلع إليها من أجل تطوير العمل الثقافي والأدبي بمحافظة إب من خلال الكتاب والمكتبات العامة لن تتحقق ولن يتطور النشاط الثقافي مهما بذلنا من جهود فردية، فارهاصات الواقع يجعلني أقول لك اضغاث أحلام خصوصا في ظل الوضع الراهن.



فهم الحكومات للثقافة قاصر

إلى أي حد أثرت ثورة الإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي على الكتاب الورقي، وما هو مستقبل الكتاب في ظل هذا الفضاء الإلكتروني الواسع؟
قبل الحديث عن تأثير ثورة الإنترنت وشبكة التواصل الإجتماعي لا بد أن نعترف بأن الثقافة بشكل عام والكتاب بشكل خاص لم ينل أى إهتمام رسمي وشعبي، الثقافة يا سيدي بأي نظام حاكم لا تعد من أساسيات البناء المؤسسي ولا تدخل في نطاق الإهتمام الرسمي الحكومي وإنما تعتبر من الكماليات التي كان وسيظل يعتقد أن مهمتها إحياء الاحتفالات بالمناسبات، كذلك الكتاب والمكتبات العامة ليس لها أى أهمية على الإطلاق، إن أردت أن تدرك ذلك إذهب وتأكد مما هو مرصود من ميزانية ضئيلة لا تذكر للثقافة وقارنها بما يصرف من مبالغ باهظة على الكلاب الظالة.



المحتوى هو من يصنع المبدع

هل الإنترنت اليوم أنصف المبدع، أو صنع له باب للشهرة أم أن هذا الفضاء هش بحيث عمل على تسويق من هم أقل إبداعا؟
– المبدع والمثقف والكاتب من أبناء المحافظة أو المبدع اليمني بشكل عام لم تنصفه السلطة ولن ينصفه الإنترنت، ولن تصنع له شهرة كل شبكة التواصل الإجتماعي، المبدع اليمني والمثقف والكاتب هو من ينصف نفسه وهو من يحلق بنفسه عاليا في سماء الإبداع وفضاء التميز الثقافي والأدبي بمحتوى مادته المنشورة الهادفة.

بالثقافة لا يوجد مايسمى بالفضاء الهش أو الفضاء الصلب لكن ما ينشر بهذا الفضاء الواسع يستطيع المتابع والمثقف والكاتب العميق بسهولة إكتشاف هشاشة محتوى العمل ومضمون المادة وتأثيرها ليختفي ويتلاشى ما هو هش، ويبقى محفورا في ذاكرة الأجيال ما هو الأفضل والمتميز في ذلك القضاء الواسع.

خذ عندك مثال شاعر اليمن الكبير الأستاذ عبدالله البردوني أصبحت قصائده اليوم وفي ظل الإنترنت وشبكة التواصل الإجتماعي أكثر انتشاراً، ويرددها وينشرها عامة المثقفين اليمنيين بشكل خاص والعرب بشكل عام رغم رحيله عن هذه الحياة منذ أكثر من ثلاثون عاما بينما الآخرين ممن يسمون أنفسهم شعراء معتكفين بالإنترنت ومختلف شبكة التواصل الإجتماعي ليل ونهار والبعض منهم وبسبب رغبته بالشهرة يلاحقها بمختلف شبكات التواصل الإجتماعي يكتب يوميا ثلاث اربع مقطوعات شعرية بعد كل أكل وينشرها بمختلف الشبكات ومع ذلك ليس لها أى تأثير أو هدف، فتتلاشى القصيدة وصاحبها وبفطنتك أنت والمتابعين لا أحتاج لذكر أسماء بعض ممن يبحثون عن الشهرة ويحاولون دخول هذا الجانب الثقافي والأدبي ولن يستطيعوا فعل ذلك.



أمة اقرأ لا تقرأ

هل ينافس الكتاب الإلكتروني الكتاب الورقي، وهل من وجهة نظرك تأثرت دور النشر جراء هذا التدافع الرقمي؟
– أمام الباحثين وطلاب الجامعات لا يوجد أى منافسة بين الكتاب الورقي والكتاب الإلكتروني، فكلاهما يؤدي الغرض وهو إعداد البحوث الدراسية كمقرر إلزامي يحتم على الباحث أو الطالب إستخدام الكتاب الورقي أو الإلكتروني حسب ما هو متوفر ومتاح بين يديه ويسهل الوصول إليه، وبما لا يكلف الجهد أو المال، وهو عادة ما يستخدم الهاتف المحمول للدخول للمكتبات الإلكترونية، لكن المصيبة أخي نشوان أن الكتابين ينتهيان معا بإنتهاء الحاجة لهما، والمصيبة الأكبر أن يصبح الكتاب الورقي والكتاب الإلكتروني مجرد ديكور عند البعض ممن ينسبون أنفسهم للثقافة ويسمون أنفسهم مثقفين فتجد البعض منهم يعمل في مجلسه أو ديوان المقيل الخاص به دولاب أو دولابين مرصوفة بأنواع وأشكال من مجلدات الكتب تستخدم كزينه أو ديكور بهذا المجلس ولم يقرأ منها حتى صفحة أو مقدمة من كتاب، فقط تستخدم للعرض وليس للقراءة.

أيضا الكتاب الإلكتروني بعض ناس يتفاخر أن معه موقع أو مكتبة إلكترونية فيها خمسمائة ألف عنوان، لكن عندما تسأله كم عنوان قرأت لا يجيبك بشيئ، واحيانا ولا حتى قراءة عناوين كتب تلك المكتبة الإلكترونية الشاملة.

أخي العزيز، الكتاب الورقي والإلكتروني ليس لهما ذنب بتدني الوعي الثقافي والمعرفي لكن الذنب يعود للمتلقي.

من المهم أن أنوه هنا أن القراءة تقع ضمن العقيدة الإسلامية وفي إطارها العام، حيث أن أول أمر أمرنا به الله عز وجل هو كلمة “اقرأ”، لكننا لم نقرأ ولا هم يحزنون، وتركنا هذا الأمر لنتمسك ونحفظ بشده قوله تعالى : {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم}، وهات يا حروب ومعارك وقتل لبعضنا البعض، لذا استطيع القول أن أمة اقرأ لا تقرأ، لكنها ويا للأسف تجيد بإمتياز قتل بعضها البعض.



المشيخة تغير مسارها وانحرفت عن أهدافها الإجتماعية والإنسانية

أين تجد نفسك مثقفا أم كاتبا أم شيخا أم صحفيا أم تفضل الجلوس خلف مكتبك المهجور بالهيئة العامة للكتاب؟
– أجد نفسي مواطن بسيط ضمن تكوينات واطياف هذا المجتمع، قريب من الجميع كاتب وإعلامي وصحفي حينما تستدعي حاجة المجتمع للكتابة حول مختلف القضايا التي نعاني منها جميعا، وتصبح الكتابة عنها واجب ديني ووطني وأخلاقي، بالنسبة لي شخصيا كتبت عن قضايا إجتماعية مختلف وأشدت بمواقف الآخرين ودورهم وانتقدت بعض الجهات الحكومية بسبب التقصير في عملها وخدماتها ولم يكن نقدي لغرض التشهير أو التجريح أو الإساءة للآخرين أو الوصول للشهرة بقدر ما كان هدفي من كل كتاباتي هو إيصال النقد البناء الهادف لمعالجة المشاكل والصعوبات التي يعاني منها المجتمع وإصلاح الخلل والاعوجاجات الحاصلة.

حاليا لم أعد بحاجه إلى صفة الشيخ رغم أنها مكتسبه وراثيا أبا عن جد غير أن المشيخة باليمن تغير مسارها وانحرفت عن أهدافها الإجتماعية والإنسانية فبعد ان كانت المشيخة تعبر عن الوقار والحكمة بأعمال وأفعال المشايخ أصبحت صفة الشيخ “الهنجمة” و”الطقطقة”، وكل من معه فلوس وسيارة ويرافقه مجموعة من “المقعشين” والمسلحين سموه شيخ، حتى لو عاده بسن المراهقة، بإختصار حتى المشيخة أصيبت بفيروس جنون أحداث 2011 وما لحقها من لوثة تاريخية.



حضور ثقافي واسع

كيف تقيم المشهد الأدبي في محافظة إب؟
-المشهد الأدبي والثقافي بمحافظة إب قد يكون أفضل من غيره إذا ما قورن بالمحافظات الأخرى، ومن بوابة مكتب الثقافة والمركز الثقافي تستطيع تقييم المشهد الأدبي والثقافي من خلال الفعاليات التي يقيمها مكتب الثقافة بالمحافظة بصورة أسبوعية وبدون إمكانيات مالية وأمام ذلك نوجه الشكر والتقدير للشهيد الحي الأخ عبدالحكيم مقبل مدير عام مكتب الثقافة بالمحافظة واظنه هو من يستطيع أن يشرح لك أو يقيم لك المشهد الثقافي والأدبي بمحافظة إب.



طفرة ثقافية وعدد يتيم

حدثنا حول تجربتك مع صحيفة ” آراء” والتي لم ير النور منها سوى عددا واحدا؟
كلما أتذكر هذا الموضوع أشعر بالألم، ومع ذلك ساحكي لك قصة هذا العدد اليتيم من صحيفة (آراء) والذي أود أن أذكرك به ولعلك تذكر بأن محافظة إب شهدت حراك ثقافي وأدبي غير مسبوق من العام 2000م وحتي 2008م، وبتضافر جهود المثقفين والأدباء والمهتمين بالاداب والثقافة نتج هذا الحراك الثقافي الذي أسهم بتاسيس العديد من المنتديات الثقافية والأدبية، وخلال تلك الأعوام أقيمت العديد من الأنشطة والفعاليات الثقافية من قبل المؤسسات والهيئات الثقافية الحكومية وغير الحكومية بمحافظة إب وفي مقدمتها مكتب الثقافة والهيئة العامة للكتاب.

ومن بوابة المكتبة العامة تم تأسيس منتدى الإشعاع الثقافي والأدبي الذى كان له عدد من الأنشطة والفعاليات الثقافية والأدبية وندوات واصبوحات وامسيات شعرية وقصصيه وغيرها هذا المنتدى (الإشعاع) كان الوالد المناضل الشيخ عبدالعزيز الحبيشي رحمة الله عليه رئيس فخري للمنتدى وكانت له أفكار متميزه ونظرة للبعيد، ذات يوم استدعى الشيخ عبدالعزيز الحبيشي الهيئة الإدارية للمنتدى وطلب أن نقوم بنشاط ثقافي وأدبي مميز بإسم منتدى الإشعاع والذي لا يوجد له أى إمكانيات مالية تشجعنا أن نعمل عمل ثقافي مميز.

طرحت بعض المقترحات وتم الإتفاق على إصدار صحيفة بإسم المنتدى تهتم بالجانب الثقافي والأدبي، طبعا كما تعلم إصدار صحيفة بحاجة إلى تصريح رسمي من وزارة الإعلام، وبعد ذلك البحث عن كتاب كبار يكتبوا للصحيفة، وطباعة أولية، وفرز وإخراج صحفي وهذا كله بحاجه لمبالغ ماليه وجهد كبير للمتابعة، تم تكليفي لإنجاز هذه المهمة ومعاملة استخراج التصريح من وزارة الإعلام وبعد جهدا جهيد والبقاء في العاصمة صنعاء لثلاثة أشهر لإنجاز هذا العمل وخسارة مالية وصلت إلى سبعمائة ألف ريال تزيد أو تنقص قليلا، لا أذكر بالتحديد بذلك الوقت عام 2007م، تم طباعة العدد الأول من صحيفة ( آراء) الأدبية الثقافية التابعة لمنتدى الإشعاع الأدبي الثقافي التي كنت أنا رئيس تحريرها وكان أملنا أن هذا العمل أو الإنجاز الثقافي المتمثل بإصدار صحيفة ثقافية سينال الرعاية والدعم من السلطة والوسط الثقافي والأدبي ورجال الأعمال، لكن خابت آمالنا وتبخرت أحلامنا ولم نسدد الديون التي اقترضناها من أجل معاملة إصدار تلك الصحيفة التي كنا نستعد لإخراج العدد الثاني منها، غير اني أدركت بأن إخراجه بحاجة إلى تضحية وبيع مال من حق الوالد بالبلاد، طالما ولم تحصل على رعاية ودعم من الثقافة والإعلام، لذلك توقفنا عن إصدارها إجباريا، ولا يفوتني هنا ومن باب الإنصاف أن أذكر جهود الأخوين صلاح الطاهري وإبراهيم الشعيبي اللذان كان لهما جهد كبير بالتعاون معي في تجهيز تلك الصحيفة، لهما مني كل الشكر والتقدير.


جفاء وغياب طويل

حاليا، كيف هي علاقتك مع الصحف المحلية؟
– علاقتي مع الصحف المحلية اليومية كعلاقتي بنص المرتب المقطوع.


كيف تكتب لأمة لا تقرأ

ما النقطة التائهة ما بين الكتابة والقراءة؟
– الكتابة تشبه الولادة، والقراءة تشبه بيئة ذلك المولود، وثمة بيئة قاحلة متصحرة تفضي إلى حالة من التيه والموات، ناهيك عن كيف تكتب لأمة لا تقرأ،



علاقة مثقوبة وهوة كبيرة بين جيلين

كيف تقيم علاقة المثقف اليوم بقضايا مجتمعه وأمته، وهل هناك تلاقي بين مثقف اليوم ومثقف الجيل السابق؟
– ليس كل من يحفظ المعلقات السبع الشعرية ودواوين الشعر الحديثة مثقفا طالما وهو منعزل عن محيطه الإجتماعي، ليس كل من يؤلف قصص وروايات الحب والغرام مثقف طالما وهو منطوي عن محيطه الإجتماعي، ليس كل محلل سياسي أو خطيب ديني مثقف طالما وهو بعيد عن بيئته الإجتماعية، المثقف من وجهة نظري الشخصية الفعالة في إطار وجودة الإجتماعي، من يشعر ويحس بمعاناة ومشاكل المجتمع من حوله، ومن يعمل على حلها واستئصالها من جذورها هو هذا المثقف الخقيقي، إلى جانب مايميز المثقف من قراءة واطلاع واسع في شتى العلوم والمعارف العامة.

وأكاد أجزم بأنه لا يلتقي مثقف اليوم بمثقف الأمس فمثقف اليوم ثقافته سطحية عابرة تنتهي بمشاهدته لعدد اللايكات بالتكتك والانستغرام بعد نشره لأغنية (تيجي نتزوج بالسر)، أما مثقف الأمس فثقافته عميقة راسخة وأصيلة، ولن تنتهي طالما وهو ينفض غبار معاناته ومتاعب حياته اليومية بلحظة صفاء مستمعا إلى روائع كوكب الشرق أم كلثوم (أنت عمري – سيرة الحب – رباعيات الخيام – الاطلال) وارجوا أن تعذرني ويعذرني الجميع بهذه المقارنة الفنية أو الغنائية التي أحببت ذكرها من باب التوضيح.



فخر الصناعة اليمنية والإنتاج المحلي

سنعرج الآن إلى الجانب الآخر للأستاذ ردمان الأديب .. أنت تنتمي لمديرية القفر وهي واحدة من المناطق النائية التي تفتقر لأدنى المقومات المدنية والخدمات الضرورية، كيف تجاوزت أبناء حواضر المحافظة وأدرت واحدة من أهم المؤسسات الثقافية بالمحافظة؟
يبدو بأن معظم الناس يحملون انطباعا غير صحيحا وسلبيا عن مديرية القفر ونظرتهم قاصرة عن أبناء مديرية القفر، ما لم تعرفوه عن أبناء مديرية القفر هو أنهم وقبل أن يكونوا مجتمع قبلي مسلح، فقد كانوا أول مجتمع سياسي ديمقراطي، فأول رئيس للجمهورية اليمنية القاضي عبدالرحمن الارياني هو من أبناء مديرية القفر والذي أثبت للجميع أنه رجل دولة ورجل سلم وسلام بتسليمه للسلطة بطريقة سلمية، رغم أنه ينتمي للمجتمع القبلي المسلح الذي دائما ما يلاقي التذمر والخوف، ومع ذلك لم يستدعي مجتمعه القبلي المسلح أو قبيلته ليظل على كرسي السلطه بقوة سلاح القبيلة القفرية وهو أول رئيس مدني سعي جاهدا لتأسيس دولة مدنية حديثة وأنا أعتبره الصورة الحقيقية التي تمثل كل أبناء مديرية القفر بمختلف أطيافهم.

ومع ذلك نحن نعتز ونفخر أننا بمديرية القفر مجتمع قبلي مسلح بعمق روابطنا الإجتماعية وعاداتنا وتقاليدنا القبلية الأصيلة، فإن تسلحنا فاسلحتنا مع الوطن ولم ولن يستخدم لغير الدفاع عن تراب هذا الوطن وإن تسلحنا بالعلم والمعرفة فنحن السباقين إليها بدليل أن حصن إريان كان مركز إشعاع علمي وتنويري قبل الثورة، ولقد تأسس ما كان يسمى بالكتاتيب العلمية بهذا الحصن قبل وجود أو تأسيس المدارس باليمن وكان يأتي إلى ذلك المركز بحصن اريان طالبي العلم من كل المحافظات اليمنية.

وما لم يعرفه الآخرين أن مديرية القفر كان أبنائها السباقين في طلب العلم منذ بداية الثورة اليمنية 1962م هاجروا من مديرية القفر كونها منطقة ريفية بسبب عدم وجود مدارس فيها وذهبوا إلى المدن حيث توجد المدارس في صنعاء وتعز وإب والحديدة وهدفهم هو الالتحاق بالمدراس للدراسة فيها والتعلم، واجزم بأن لدى القفر حاليا من أبنائها الآلاف من الأطباء والمهندسين والدكاترة والقيادات المدنية والعسكرية.

والقفر قدمت خيرة ابنائها المتعلمين الذين خدموا الدولة اليمنية بمجال الجيش والقضاء والسياسة والتربية والثقافة والأدب، خذ عندك كمثال الشاعر الوطني مطهر الارياني، رمز وفخر الصناعة اليمنية والإنتاج المحلي لمديرية القفر شعرا وأدباء، إلى جانب العشرات من الشعراء من ال السعيدى والبحم وال المعزبي الصريمي.

كما أنجبت مديرية القفر كبير جهابذة وفقهاء القانون اليمني هو الدكتور عبدالمؤمن شجاع الدين ومعظم قضاة اليمن من ابناء مديرية القفر من ال الارياني ال الاديب ال شجاع الدين ال محرم ال غلاب ال البرح، وفي الجانب العسكري من تلك الأسر ال المنحمي ال سمنان ال الجحافي الموسمي الحافي المظل اللكيمي الزايدي ابو هاجره الحكمي الوادعي السبل السوطي والحميري.

نحن أيضا بمديرية القفر نفتخر ونعتز بأننا أول من تعاملنا مع التكنولوجيا الحديثة والاختراعات العلمية، فقد أنجبت القفر بهذا التخصص المخترع المهندس في وزارة المواصلات عبدالله فارس شقيق الشيخ عبدالوهاب فارس الذي هاجر إلى أمريكا ووجد مساحة واسعة من التشجيع كي يبدع ويتألق في هذا المجال.

أما عن وصولي إلى مدير عام لفرع الهيئة العامة للكتاب فلا غرابة بذلك طالما وأنا أنتمي لكل هذا التنوع القبلي والإجتماعي الحريص على التعلم والمعرفة والتضحية من أجل الوطن، وللعلم بأن حصولي عليه كاستحقاق بعد نضال وخدمة طويلة لأكثر من ثلاثين سنة ابتدات بالعمل في العاصمة صنعاء لتنتهي في محافظة إب كمدير عام لفرع الهيئة العامة الكتاب والذي لا زلت غير مقتنع بهذا المنصب كونه لا يناسب خبرتي وخدمتي الطويلة وهذا المنصب لا يغني ولا يسمن من جوع، ولو أن الدولة تطبق نظام وقانون شغل الوظيفة العامة كان الوضع مختلف ويفترض أن يكون منصبي أكبر من هذا لكن وكما تعرف بأن المحسوبية والمعرفة هي من تختار الشخصيات وتوصلهم إلى كراسي لا يستحقونها، بينما يحرم منها من هم أجدر بها وبالأول والأخير نحن على قناعه بأن العمل تكليف لا تشريف.

نسف لكل القيم والمبادئ

ماالشيئ الذي يسبب لك القلق والتوتر؟ وهل ما يزال الشغف يشتعل في روحك لحياة قادمة يملأها الإبداع والتطلعات المفتوحة؟
أكثر ما يسبب لي القلق والتوتر هو الجحود ونكران المعروف والفضل بين الناس، فما يحدث الآن هو نسف لكل القيم والمبادئ الدينية والوطنية والإنسانية والإجتماعية والتي تعد من الأساسيات المرتبطه بالإنسان اليمني ويظل متمسكا بها ومحافظا عليها وفقا لعاداتنا وتقاليدنا القبلية مهما تكالبت عليه المخاطر والعداوت، من يصدق اليوم بأن كل تلك القيم والمبادئ تتغير بتغير نظام الحكم.

كما سبق وقلت لك بردي على سؤال سابق كلنا نحلم ونتطلع ان القادم سيكون أفضل وعند الله كل خير بمشيئة الله.

تجربة ثرية

ما الذي تعني لك المشاركة في الانتخابات التكميلية لعضوية مجلس النواب، وهل منحك مركزك في هيئة الكتاب ذلك الحضور والمنافسة القوية مع المرشح الآخر، وهل ستخوض التجربة مجددا لا سيما والعضوية عادت لتكون شاغرة للمرة الثانية؟
– تجربتي في الإنتخابات التكميلية السابقه لم تأتي استغلالاً لمركزي كمدير عام لفرع الهيئة العامة للكتاب والذي سبق أن قلت لك بأن هذا المركز لا يطلع ولا ينزل ووجوده زي عدمه، لأنه لا يمثل أي أهمية بنظر صناع القرار من الأزل، لكن من منحنى ذلك الحضور وتلك المنافسة القوية هو وعي وإدراك ومعرفة أبناء دائرتي الانتخابية بأهمية التغيير للأفضل، وهم من يستحقوا الشكر والتقدير والوفاء معهم، لأنهم من جعلوني أظهر بتلك المنافسة القوية لمعرفتهم بشخصيتي البسيطة والقريبة من الجميع دون أى إعتبار لمركزي الوظيفي الذي لا يهمهم، مع أن معظمهم لا يدري بأني مدير عام لكنهم يعلمون بأني واحد منهم لي مكانتي الإجتماعية واعيش معاناتهم وهمومهم واشاركهم بمختلف القضايا الإجتماعية.

أما الحديث عن إعادة التجربة بالانتخابات إذا تقرر إقامتها بقادم الأيام، فسنترك ذلك إلى الوقت المناسب.



مجتمع قبلي متحضر

هل ثمة تعارض بين أن ينحدر مدير الهيئة العامة للكتاب لمجتمع قبلي متشدد وأن تكون من أبرز الشخصيات الإجتماعية في ذلك المجتمع؟ ألا تعتقد ذلك تناقضا خارج سياق المألوف؟
كما لايوجد أى تعارض بين المجتمع القبلي الذي افتخر باني اتيت منه ووصولي إلى مركزي الوظيفي كمدير عام ينتمي لذلك المجتمع القبلي هو فخر لي بأن من تنظرون إليهم بأنهم مجتمع قبلي مسلح أثبتوا بأنهم مجتمع قبلي متمدن ومتسلح بالعلم والمعرفة والثقافة والأدب، وأن وصول ردمان الأديب لإدارة هذه المؤسسة الثقافية الهيئة العامة للكتاب لدليل كاف بأني أتيت من مجتمع قبلي مدني متحضر، ولم أأتي من مجتمع قبلي مسلح ومنغلق على نفسه.

فقدان لا يُنسى

لديك تجربة شخصية مع جائحة كرونا تحولت فيما بعد إلى سردية رثائية استحوذت على منصات التواصل الإجتماعي وتحولت إلى ما يشبه رواية واقعية تجولت عنوة عبر فضاء تلك المنصات بصورة مثقلة بوجع اللحظة القاسية .. هل لديك ما تقوله حول تلك التجربة المؤلمة؟
لازلت حتى يومنا هذا غير مستوعب لما حدث لي وكأني أمام كابوس مرعب لكن ليس أمامي ما أقوله غير حسبنا الله ونعم الوكيل ورحمة الله عليهما أبي وأخي.





الأعباء الأسرية تقلص فضاء الحرية

من خلال كتاباتك الأخيرة أجد الحرف مكبلا محاصرا وفضاء الكلمة محدود للغاية؟ هل يدفع المثقف والكاتب ثمن ما يقترفه السياسيون؟
بالفعل أصبح فضاء الكلمة محدود خصوصا بعد كارثة كورونا التي قدر الله فيها أن يرحل عن هذه الحياة أهم وأقرب الناس إلى قلبي في يوم واحد وهما والدي الشيخ فارع الأديب وأخي الأستاذ سلطان، من كنت أسند ظهري عليهما رحمة الله عليهما واسكنهما جنات الفردوس، لذلك أصبح أمامي حمل ثقيل يجبرني أن اراعي نفسي وأسرتي وهذا لا يعني مطلقا بأني تركت الكتابة التي لن أتركها وستظل كتاباتي مستمره لخدمة كافة قضايا المجتمع مع العلم بأنه تم حظري من النشر بالفترة الأخيرة ولم أستطع النشر في برنامج الواتساب منذ أكثر من ثلاثة أشهر مضت وقد تم رفع الحظر عن رقمي الاسبوع الماضي وهذا من أسباب اختفائي عن النشر بالفترة الماضية.



تسليط الضوء ..

كلمة أخيرة تودون قولها عبر صحيفة إب7 برس؟
اشكرك أخي العزيز، على تسليطكم للضوء نحو القضايا الأدبية والثقافية وبالأخص الكتاب والمكتبات العامة التي أصبحت في خبر كان خصوصا في العقدين الماضيين، والشكر موصول من خلالكم لكافة ابناء المجتمع المحلي بمحافظة إب ممثلا بقيادة السلطة المحلية الأب المناضل عبدالواحد صلاح، ومعه كل الشرفاء من شخصيات إجتماعية وسياسية ومثقفين وأدباء وإعلاميين ومواطنين على مواقفهم الوطنية التي لمسناها بفضل حكمتهم ووطنيتهم وتمكنا جميعا من الحفاظ على النسيج الإجتماعي وتجنيب محافظة إب ويلات الصراع الدموي الذى اكتوت بناره معظم المحافظات اليمنية، وكذلك التمسك بالثوابت الوطنية التي حافظ عليها جميع أبناء محافظة إب.موقع المنصه ibb7.org