ريمان برس - خاص -
أخي وزميلي وصاحبي وصديقي ورفيق رحلة مهنية وصاحب أجمل ابتسامة وأجمل نكتة .. رحل أرق إنسان عرفته وزاملته لعقود ؛ رحل الفنان والمبدع المتألق والإنسان الذي تميز بكل القيم الإنسانية الراقية والاخلاقيات التي لم أجدها إلا فيه .. رحل فجأة وبدون مقدمات وبدون صخب أو ضجيج ؛ رحل وهو يبحث عن وطن عشقه حتى الثمالة ؛ وطن رحل صاحبي وهو يبحث عنه ورحل قبله كثيرون وهم يبحثون عنه وسأرحل ويرحل الكثيرون دون أن نجد الوطن المأمول ..!!
رحل المبتسم دوما حتى وهو في ذروة الغضب ؛ رحل صاحب النكتة الساخرة والقلب النقي والنفس المسكونة بحب الناس ؛ رحل صاحب العشرة الطيبة والمميزة رحل أحمد عبد الله الرمعي الأخ والزميل والصديق والرفيق بضعة أيام فقط تفصلنا عن أخر تواصل وأخر ضحكة عانقت مسامعي وأخر عبارة كان دائما يرددها كلما أفتح هاتفه أو أقراء كلماته وكان دائما يستفتح بها أي مكالمة أو مراسلة ( كيفك يا شيبة ) ؟!!
أه ..يالله .. رحل التهامي النقي والوطني الانقى .. رحل أبن ( رماع ) ومنه اشتق اللقب ( الرمعي ) خريج ( جامعة أثينا ) .. رحل بعد سنوات من رحيل نبيل السروري و( سوسنتة ) ورحيل أمين الحزمي ومحمد عبد الإله العصار وعبد الله بشر وحسن محجوب وعباس غالب وكان لي وله مع هولاء الزملاء حكايات وقصص يشهد عليها الأستاذ أحمد الشرعبي _ حفظه الله _ والأستاذ محمد يحي شنيف _ اطال الله بعمره _ رحل صاحب القلب النقي والابتسامة البريئة والحكايات التي لا تنتهي والتحليلات الكوميدية لتداعيات المرحلة حين تخيم القتامة على النفوس كان أحمد يبددها بسخرية العارف لقوانين الحياة وطقوسها .
رحل أحمد الرمعي يا راسل عمر ويا يحي نوري ويا عبد الملك المروني ويا علي الحزمي ويا حسن مشرح ويا محمد حسن شعب ويا جار الله علي محمد ..رحل أحمد الرمعي مبكرا يا كل الرفاق والزملاء والأصدقاء ؛ رحل من كان يبكينا من الضحك ويضحكنا ونحن في ذروة أحزاننا ..كم هي القصص والحكايات والمفردات التي يمكن قولها عن علاقة سنين ؛ رحل أنقانا وأكثرنا حبا وتسامحا .
كثيرة هي الليالي التي كنا نقضيها في اعداد الصحف التي كان يتولى إخراجها ( الميثاق ؛ العروبة ؛ صوت المعارضة ؛ ) وكم كان جميلا وهو يتندر علينا وعلى صحفنا والأكثر تندرا حين كنا نلتقي في مكتب الأستاذ المرحوم طلال الرجوي صاحب صحيفة ( اليمن السعيد ) رحمة الله علي من رحلوا وأخرهم أحمد وحفظ الله الاحياء واطال بعمرهم ؛ كنت أرتاح واضحك حتى البكاء من تندره علي شخصيا سواء من كثافة كتاباتي وغزارة انتاجي وتفرغي للكتابة وغالبا ما كنت ابطل اكتب حين نكون معا اتقاء لتندره الذي كنت اتقبله برحابة صدر ومودة بل كنت انسى كل ما يتندر به عني وانا اسمعه يتندر على بقية الزملاء وخاصة علي الزميل محمد حسن شعب ؛ أو تندره على الزميل المرحوم عبد الله بشر الذي لقبه رحمة الله عليهما معا ب( أعشى صعفان ) حيث كان نظر الزميل عبد الله ضعيفا ؛ لكن حين كنا نجتمع مع الزميل المرحوم حسن محجوب ( الشيوعي الهارب من السودان ) للشطر الجنوبي ثم يحتضنه الأستاذ احمد الشرعبي بعد الوحدة فكان في كل لقاء يجمعنا بالمرحوم حسن محجوب نعيش لحظات وأوقات هي أجمل ما عشتها بكل حياتي ..
حقا حتى الان وانا اكتب هذه الكلمات لست مقتنعا برحيل احمد الرمعي ومنذ بلغني البناء وانا أحاول الاتصال برقمه ولكني اعدل عن الفكرة في اخر لحظة وقد ضغط كثير على الرقم ولكني ابطل قبل أن يكتمل الطلب ؛ كل شي تشتت في تفكيري وذاكرتي منذ تلقيت النبآء الفاجعة ويمكن ان يستقري القاري هذا في هذه التناولة التي لا اعرف ماذا اريد ان أقول فيها سواء أن احمد الرمعي رحل عناء كما قالوا ؟!!
مات أحمد الرمعي قد يكون ولكنه لن يموت من ذاكرتي مطلقا سيبقى احمد عائشا معي ومعكم فمثله لا يموت وأن توارى تحت التراب ؟ وكيف يموت من يستوطن الوجدان والذاكرة ؟ كيف يموت من كل شي حولك يذكرك به الناس الشوارع والازقة والمدينة المكان والمعالم وحتى ارشيفك والبوم صورك وهاتفك وحاسوبك كل شي كل شيء يذكرك به .
أه .. يا وجع قلبي يا أحمد ..لك الرحمة والسكينة والخلود أما أنا وكثير من الزملاء سنظل نكتوي بحسرات الفراق حتى نلتقي وسنلتقي حتما ؟! |