الثلاثاء, 05-مايو-2020
ريمان برس - خاص -
تميزت مهنة الصحافة في بلادنا بنماذج سلوكية تفاوتت خلالها الكثير من المفاهيم المتصلة بالمهنة وقيمها وقوانينها وشروطها واخلاقياتها ،وخضعت مهنة الصحافة في اليمن تحديدا لامزجة واجتهادات لم تراعى خلالها قيم وشروط المهنة وحياديتها كمهنة يفترض على من يمارسها الانحياز لقيمها وقوانينها بعيدا عن الانتماءات الحزبية والأنشطة السياسية وصراعات أربابها وخلافاتهم ..
في هذا اجد نفسي وانا المحسوب على هذه المهنة اعبر عن تضامني المطلق مع كل زميل تعرض أو يتعرض للانتهاكات التعسفية وقمع حريته والحيلولة دون تمكينه من تأدية مهمته وتسهيل وتذليل كل العوائق التي قد تعترضه وتحوول بينه وبين أداء مهمته الإعلامية والصحفية وفي أي مجال من مجالات المهنة ، وتتحمل السلطة وأجهزتها _ أي سلطة كانت ومهما كانت _ المسئولية الكاملة في توفير الحماية الكاملة للصحفي وتذليل كل الصعوبات والعوائق أمامه وتمكينه من الحصول على المعلومات التي تمكنه من تأدية مهمته على أكمل وجه من خلال تسهيل مهمة حصول الصحفي على المعلومة الصحيحة من مصادرها ، وهذا الفعل لا يخدم الصحفي وحده بل يخدم أيضا السلطة وأجهزتها، فالسلطة أي سلطة إذا سهلت مهمة حصول الصحفي على المعلومة من مصادرها بشفافية ومصداقية تساهم بتكريس قيم مهنية وأخلاقية وتساعد الصحفي على القيام بمهامه المهنية بثقة ومهنية واحترافية وتقطع الطريق أمام شيوع فوضى مهنية واجتهادات ذاتية قد يلجى الصحفي إليها بحثا عن المعلومة التي قد تكون منافية للواقع وبعيدة عن الحقيقة وهذا السلوك اي احتكار المعلومة أو منع الوصول إليها من قبل السلطات ومحاربة أرباب المهنة يعد أحد أسباب الانحطاط بالمهنة ..الأمر الآخر هناك إشكالية مهنية يجب التوقف أمامها وهي الخلط بين العمل المهني للصحفي وبين الانتماء السياسي والحزبي للصحفي الذي لم يفصل بين رسالته المهنية وبين انتمائه السياسي والمؤسف أن هذا الأسلوب انعكس على الأداء المهني فيما الكيان المهني المعني بضبط ايقاع المهنة وهي نقابة الصحافيين التي أخفقت في الانتصار لتطلعاتها في القيام بدورها المهني والسبب قطعا ليس من النقابة بل من السلطة وأجهزتها اللتان استاسدتا لعبة التوظيف السياسي للمهنة وهناك مراكز قوة نافذة دأبت على تشجيع الظاهرة ليدفع الصحفي ثمن هذا التوظيف تحقير وتهميش وتنكر وقهر وممارسات قمعية وقهرية وازدراء وياليت توقف الأمر عند هذا المستوى من التجاهل لأرباب المهنة بل راحت السلطة وأجهزتها والأحزاب والمنظمات وكل الفعاليات السياسية تستقطب أرباب المهنة كلا على طريقته بوسائل شتى تراوحت بين الترغيب والترهيب والمساومة والتجويع والإذلال والقهر ال أن ا وصلت المهنة في بلادنا إلى ما وصلت إليه فيما الصحفي وجد نفسه وفق منطق الأمر الواقع منحاز لهويته السياسية والحزبية على حساب هويته المهنية ورسالته الإعلامية ، وشاهدنا خلال مراحل التحولات الديمقراطية كيف أن الرسالة المهنية تناقض نفسها في ازدواجية مثيرة قلنا بوقتها أنها لا تبشر بخير ولا ترسخ قيم وأخلاقيات مهنية بقدر ماكانت مقدمة لتوظيف المهنة لخدمة أهداف سياسية وحزبية بعيدا عن قيم وأخلاقيات مهنية مفترضة ، قيم وأخلاقيات معنية بخدمة القضايا الوطنية الجمعية وبتوجيه الرأي العام نحو أهدافه وقضاياه الوطنية والحياتية ..
أتذكر جيدا كيف كنا إذا ما صدر حكم قضائي بحق صحفي كيف نهرول لإقامة المسيرات ونحتشد أمام دار الرئاسة أو رئاسة الوزراء نطالب بإسقاط الأحكام القضائية ..؟!
فيما كان الأجدر بناء أن نذهب للسلطة التشريعية ونطالب بتعديل القوانين والتشريعات التي يحاكم بموجبها الصحفي على قضايا النشر ..وكان هذا السلوك هو السلوك الكارثي الذي كرس ثقافة دخيلة عملت بدورها على تكريس جدلية الصراع وتعميق الفجوة بين أرباب المهنة وبين السلطة وأجهزتها ، ومن ثم أصبح استهداف الصحفي يأخذ جانب واحد من جوانب المشكلة ويتمثل بتحميل السلطة اوزار الأزمات إذا ما تعرض أرباب المهنة لمشكلة وان كانت خارج نطاق العمل المهني ، فتأخذ الأزمة أو الظاهرة بعدا سياسيا وحزبيا ولم يعد هناك ثمة فصل أو تفريق بين المهنة والانتماء مع تزايد القضايا التي تعرض لها بعض الصحفيين والتي لم تكن حصيلة أو نتاج أداء مهني متصل برسالة الصحفي المهنية بل بهوية الصحفي السياسية والحزبية ..؟!
وتابعنا الكثير من القضايا المتصلة باعتقال وحجز حرية صحفيين وتم إدراجها تحت بند انتهاك وقمع الحريات وهي بالواقع لم تكن كذلك بل كانت نتاج الانتماء السياسي والحزبي للصحفي ..؟!
وقد مورست الكثير من الانتهاكات بحق الصحفيين من قبل السلطة والمعارضة على حد سواء خلال السنوات الماضية ، تداخلت خلالها الأسباب والدوافع بين المهني والحزبي ، وتم الزج بصحفيين داخل المعتقلات ليس لدورهم المهني ولا على خلفية نشاطهم المهني والصحفي بل على خلفية هويتهم السياسية والحزبية وتلك إشكالية اتذكر أن قيادات نقابة الصحافيين بدءا من عهد النقيب الأستاذ عبد الباري طاهر حفظه الله إلى عهد الأستاذ محبوب علي رعاه الله ، ولا انسى الجهود التي بذلها الزميل محمد صادق العديني ورموز مهنية أخرى للوصول إلى ميثاق شرف مهني والى أسس وضوابط تنظم العلاقة المهنية ورسالتها وبما يحقق الغاية المرجوة وهي فصل العلاقة بين الرسالة المهنية والهوية الحزبية وايضا من أجل تنقية المهنة ومع كل تلك الجهود التي بذلت وكنت شاهدا عليها إلا أن كل تلك الجهود ذهبت أدراج الرياح على خلفية تفاهمات حدثت بين السلطة والمعارضة بمعزل عن رغبات النقابة ورموزها وأعضائها الذين في غالبيتهم كانوا يتلقون التوجيهات من أحزابهم وأتذكر جيدا ومعي كثيرون من الزملاء أن آخر مؤتمر للنقابة كنا نتوقع أن تخوض الجمعية العمومية انتخابات تنافسية شريفة من أجل انتخاب نقيب ومجلس نقابة ولجان متخصصة لكنا وفي الليلة الأخيرة للمؤتمر التي سنصبح بعدها على الانتخابات جاءت تعليمات فوقيه سمت النقيب وأعضاء المجلس مسبقا وفعلا نفذت هذه التعليمات وكانت صدمة مرة حتى لمن نفذ أوامر حزبه ..؟!
اليوم ها نحن نعيش ونشاهد ما حل بالمهنة واربابها ونعاني من كل صنوف القهر وهناك زملاء لنا خلف القضبان نتألم لمعاناتهم لكن لا يمكن أن نغفل الأسباب والدوافع التي اوصلتهم واوصلتنا والمهنة وكيانها للحال الذي نحن فيه وهي الأسباب والعوامل التي ضلينا على مدى ثلاثة عقود نحذر منها وهي ربط رسالة المهنة بالهوية الحزبية فثمة زملاء لنا موقوفين ليس على خلفية أداء مهني بل لدوافع سياسية وحزبية وتلكم هي العقدة المركبة ،لقد ساهمنا فعلا كصحفيين لتهميش سلطات القضاء حين كنا نعمل على إسقاط والغاء الأحكام بحق بعض الزملاء بالتظاهرات واحداث ضجة إعلامية ومناشدات سلطات الداخل والخارج إلا أن نحصل على قرار سياسي بإلغاء الاحكام ولم نكلف أنفسنا احترام سلطات القضاء رغم كل ما يشابه من عيوب ونحترمها وننفذها ونذهب للمطالبة بتعديل القوانين والتشريعات هذا جانب ، الجانب الآخر أن نفرق بين قضايا مهنية وأخرى ذات أبعاد سياسية قد تطال الصحفي ..وللتذكير في الختام وحسب ، الم تكن قضية الاخوين المرحوم عبد الله سعد رحمة الله عليه وصحيفة الشورى والاستاذ عبد الجبار سعد حفظه الله واطال بعمره قضية سياسية ؟!
الم تكن قضية الزميل سمير اليوسفي سياسية ؟! الم تكن قضية المرحوم الزميل عبد الكريم الخيواني والزميل محمد المقالح سياسية ؟!
بل إن أغلب القضايا التي شهدتها صاحبة الجلالة واربابها خلال العقود الماضية قضايا سياسية والدوافع سياسية وهذا ما يحدث اليوم وسيظل الأمر كذلك إلا أن تعاد للمهنة كرامتها وحريتها وقدسيتها ،والا أن نجد منتسبين للمهنة يحرصون بجد على الانتصار لقيم وأخلاقيات المهنة وقدسية رسالتها بعيدا عن الانتماء الحزبي أو توظيف المهنة لخدمة الحزب ..؟!
لكل ما سلف أجدني دائما اعبر عن تضامني المطلق مع كل زميل يتعرض لتقييد حريته على خلفية مهنته ورسالته المهنية لكني لست مع من يوظف المهنة للمصلحة الحزبية ولو كنت أنا .
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 01-مايو-2025 الساعة: 02:21 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://raymanpress.com/news-83130.htm