الثلاثاء, 30-يوليو-2019
ريمان برس - خاص -

في عام 2015م بلغت الأزمة الداخلية الأمريكية ذروتها بين الحزبين الحاكمين ( الجمهوري والديمقراطي ) وبين الخارجية والمخابرات المركزية من ناحية والبنتاجون والأجهزة التابعة له من ناحية ثانية إضافة إلى رؤية وموقف الطرف الأهم في معادلة صناعة القرار الأمريكي وهو ( الكارتل الاقتصادي ) الذي كان في ذروة غضبه من كل هذه الأطراف المتصارعة في مفاصل الدولة الأمريكية وأجهزتها وهو الصراع الذي انعكس سلبا على مصالح ( الكارتل ) وأنشطته ومخططاته داخل وخارج أمريكا ، ورغم أن هذا الكارتل هو من كشف ممارسات الأدارة الأمريكية وحسم خلافاتها بحيث جعل كل المتصارعين على خطاء وكشف عورات الجميع دون استثناء ، من خلال ( جوليان أسانج ) وموقعه ، ثم من خلال ( سنودن ) و ( سوزان ليد) ، ثم أظهر هذا ( الكارتل ) الإمبراطورية الأمريكية وكأنها دولة من دول العالم الثالث حين بدت التسريبات عن أختراق روسي للمواقع الحساسة الأمريكية وأيضا إتهام الصين بالقرصنة وكل هذه التهم التي وجهت لكل من روسيا والصين كانت تعبيرا عن رغبة الكارتل بأحداث صدمة في الوعي السياسي الأمريكي وإبراز كارزمية أمريكية تتمتع بقدرة استفزازية داخل وخارج أمريكا وكانت الحصيلة طبعا ( دونالد ترامب ) الذي مثل صعوده إنتكاسة للحزبين الجمهوري والديمقراطي رغم الرضاء العلني المزيف لبعض الجمهوريين المحسوب عليهم الرجل ولكن غالبية الجمهوريين كانوا يرحبون بترامب كداعم للحزب وليس كرئيس للجمهورية ..لكن وبرغم هندسة ( الكارتل ) ونجاحه في إيصال ترامب للبيت الأبيض وتمكن الأخير من إبتزاز حلفاء واشنطن وخاصة في منطقة ( الخليج ) وسعي هذا الكارتل إلى استغلال حالة الصراعات في المنطقة والفوضى السياسية في تمرير ما يسمى ب ( صفقة القرن ) كأخر أهداف ( الكارتل ) بعد تيقنه بإخفاقه وفشل مخططه الأساسي في احتوى روسيا وتطويق الصين والحد من نفوذهما وتأثيرهما في النطاق الحيوي والجيوبوليتيكي لواشنطن ، وقد أخفقت كل هذه المخططات حتى في سياق الاقتصاد فقد فشلت مخططات الكارتل الاقتصادي الأمريكي في إيقاف ( مشروع السيل الجنوبي الروسي ) الممتد من سيبيريا ألى تركيا ، كما أخفق في وقف مشروع الصين في ( إحياء طريق الحرير ) وبقت ( صفقة القرن ) هي أخر الأوراق التي يسعى ( الكارتل ) الأمريكي لانجاحها خدمة للكيان الصهيوني الاستيطاني من خلال الضغط على حكام الخليج بقبول الصفقة وتمويلها على خلفية قناعة صهيو أمريكية بأن الصفقة أن لم تتم اليوم فلن تتم في الغد ..؟!!
غير أن كل هذه المخططات والمشاريع الأمريكية أخفقت بصورة أو بأخرى بل وأسست لأزمة داخلية أمريكية أشد قساوة مما هي عليه اليوم بعد بروز مؤشرات كارثية يتجسد نموذجها في التغير الجيوسياسي الذي سحب تركيا من مربع الحليف الاستراتيجي لواشنطن إلى توزيع ولائها بين واشنطن وموسكو على خلفية صفقة صواريخ ( أس 400) الروسية والتي تعد فعلا خطوة كارثية وتحول خطير في مسار التحالف الجيوسياسي الأمريكي ، ولم يقف الأمر هناء بل تعداه إلى ما هو أخطر من ذلك والمتمثل بدخول روسيا الاتحادية إلى منطقة الخليج تحديدا وهي منطقة نفوذ حصري لواشنطن منذ عقود ، الصين أيضا أوجدت قدما لها في هذه المنطقة من خلال إبرام 40 إتفاقية اقتصادية مع ( السعودية ) تضمنت إنشاء مفاعلين نووين لتوليد الطاقة وإقامة شبكة سكة حديد إضافة لتعاون اقتصادي متعدد الجوانب وهذه الخطوة تمثل ضربة لواشنطن التي تسعى اليوم لتطويق كل هذا من خلال افتعال أزمة مع إيران وحشد اساطيلها لمياه الخليج بذريعة حماية الملاحة الدولية وتأمين الممرات المائية من الخطر الإيراني وهي مزاعم جوفاء لا أساس لها من الصحة فما تقوم به واشنطن في المنطقة لا يتعلق بإيران ولا بقدرات إيران ولن تخوض واشنطن حربا ضد إيران بالمطلق مهما حدثت من مناوشات وظواهر توحي بذلك ، غير أن الحقيقة أن الحرب مع إيران لن تحدث لان واشنطن مشكلتها وأزمتها مع موسكو وبكين وليس مع طهران ..؟!!
بل حتى واشنطن تسعى لتوريط حلفائها في أوروبا والمنطقة لمواجهة نفوذ روسيا والصين بعيدا عن تدخلها المباشر و ترغب أن تبقى تمارس دور الموجه والراعي لأنها حريصة بأن لا تصتدم بصورة مباشرة مع روسيا والصين ولهذا نراها تحرض أوروبا ودول المنطقة لتأسيس قوة دولية لحماية الملاحة بعيدا عنها كلفة وتبعات مادية ومعنوية في ذات الوقت تريد أن تكون هذه القوة في خدمة مصالحها أولا وليس في مصلحة بلدانها ..؟!!
يتبع
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 19-مايو-2025 الساعة: 07:26 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://raymanpress.com/news-82566.htm