ريمان برس -خاص - حين تناولت موضوع تعز ومجلس التلاحم القبلي ليس لأني ضد القبيلة بالمعني المجازي فجميعنا ننحدر من أصول أو جذور قبلية لكني ضد فكرة أو مبدأ إحلال القبيلة محل الدولة ومؤسساتها أو تقوية سلطة القبيلة على سلطة الدولة بمعنى لا نريد تكرار تجربة السلطة والقبيلة على الطريقة التي خطها عبد الله بن حسين الأحمر الذي فصل السلطة على مقاسه واستقوى بمركزه القبلي وهو ما عشته اليمن منذ قرابة 1200 عام لم تعرف اليمن خلال هذه الفترة وهذه القرون والعقود دولة ولم تعرف مؤسسات دولة إذ كانت القبيلة التي بدورها تم تطويعها وتدجينها لصالح رموز نخبوية ووجاهية عملوا على تسخير القبيلة لخدمتهم وافروغها من قيمها واخلاقياتها وأعرافها وتقاليدها ومن ثم جعلوها صانعة للسلطات وكل سلطة عرفتها اليمن خلال هذه القرون والعقود كانت تقوم على يد القبيلة وتحكم بقوة القبيلة وبقوة القبيلة تسقط أيضا ..!!
ورغم التحولات الحضارية والتطور الإنساني كانت القبيلة هي السباقة لاحتوى أي عمل وطني أو فعل حضاري يحاول الشعب تحقيقه وهذا حدث في كثير من المنعطفات التاريخيه التي مرت بها بلادنا وليس آخرها عند قيام الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر وايضا عند قيام الوحدة اليمنية في مايو 1990م وايضا في أحداث العام 2011م ..
محطات تحوليه ذات أبعاد حضارية وتقدميه حاولت إرساء قيم اجتماعية حديثه وامتلاك عوامل وأسباب التقدم الحضاري ولكن للأسف كانت القبيلة المزوره القيم والأعراف والتقاليد تقف دائما حاجزا منيعا في وجه كل محاولات التطور والتقدم الاجتماعي والحضاري ..والمؤسف أن القبيلة ذاتها التي حالت دون إيجاد دولة المؤسسات كانت ولاتزل هي الأخرى ضحية الرموز الوجاهيه الذين سيطروا عليها وطوعوها لخدمة مصالحهم الخاصة فيما القبيلة وأبنائها كانوا أيضا ولايزالوا ضحية الارتهان لرموز المصالح ولأنانيتهم التي دفعتهم لتغليب مصالحهم والانتصار لها على حساب أبناء القبيلة وعلى حساب كل الوطن والشعب وعلى حساب الدولة المدنية العادلة دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية ..
تعز التي غادرت معطف القبيلة المتخلف بكل مثالبه وبكل عيوبه ومؤبقاته وتخلفه اتخذت لنفسها مسار حضاري تقدمي وأخذت تبحث عن كل عوامل ومسببات ووسائل الانعتاق من شرنقة الجهل والتخلف والطاعة الاستلابية للرمزيات الاجتماعية مع أن رمزيات تعز لم يكونوا يوما يتماهون بسلوكياتهم بمثل السلوكيات الطاغية لرموز المناطق الشمالية الذين مارسوا التسلط الإقطاعي وكانوا الحواضن لكل السلطات السياسية المتعاقبة وكانوا يخضعون كل سلطة ويشكلوها بما يتسق مع أهدافهم ويحقق طموحاتهم وليس الشيخ عبد الله الأحمر ودوره عنا وعن الذاكرة الوطنية ببعيد كنموذج للاستبداد الإقطاعي القبلي الذي سخرا القبيلة لخدمته وجعل السلطة أيضا في خدمته ..؟!!
حين قامت الثورة اليمنية سبتمبر 1962م كانت تعز وكان أبناء تعز وكان شيوخ ووجهاء وأعيان تعز وتجار وراسماليي تعز ..كان كل هؤلاء هم في مقدمه الثوار والثائربن راغبين في الانعتاق من شرنقة الاستبداد الكهنوتي تواقين للتحرر من براثن الجهل والتخلف وثقافة العبودية والاستبداد ..
كانت تعز حاضنة الفكر الثوري وحاضنة الثورة ومنها انطلقت الإرادة الثورية للتغيير وكانت تعز نقطة الإشعاع الحضاري الوطني كونها تجاوزت العصبيات القبلية وأدركت الحاجة لوطن محكوم بدولة المؤسسات دولة النظام والقانون والعدالة والمواطنة على خلفيات معاناة تعز تاريخيا من سطوة وسلطة ونفوذ القبيلة وغطرستها ..نعم قد لا يدرك جيل الحاضر من الشباب ماذا صنعت العصبية القبلية بتعز وأبنائها ولا يعرفون ماذا صنع أئمة ال القاسم بتعز ؟ وماذا صنع الطاغية عبد الله بن حمزة بتعز. وأبنائها ..؟!!
ثم ماذا حدث لتعز وأبنائها بعد ثورة سبتمبر 1962م وكيف تم التعامل مع رموز وثوار تعز واعيانها وراسماليها ومن قبل رموز قبلية لم تسيء لهم تعز. ولا أبنائها الذين لم يكونوا يحلموا بأكثر من تأسيس دولة مؤسسات دستورية تسود فيها العدالة الاجتماعية والمساوة في المواطنة والإدارة بالكفاءة ..!!
وعلى سبيل المثال فقط نجد المناضل عبد الغني مطهر الذي أنفق كل ثروته الطائلة من أجل ثورة سبتمبر انتهى به المطاف في ( سجن الرادع ) واجبرا رحمة الله عليه على تنظيف حمامات السجن ..؟!!
وكانت القبيلة ممثلة برموزها النافذين وراء هذا السلوكيات كما كانت وراء الإطاحة بالمشير السلال رحمه الله والإطاحة بالقاضي الإرياني رحمة الله تغشاه ..وكانت القبيلة ممثلة برموزها وراء تصفيه الكثير من مناضلي تعز وعدد من المحافظات ممن وقفوا في مواجهة فلول الملكية ومرتزقتهم وفي المقدمه الشهيد عبد الرقيب عبد الوهاب ومحمد سيف الوحش وكثيرون لا تسعفني ذاكرتي على سردهم وكانوا جمهوريين ووطنيبن شرفاء وصادقين تم التخلص منهم إما بالإخفاء او القتل او الإزاحة والترحيل والتشهير لهم ولصق كل تهم الدنياء بحقهم وقد وقف رموز القبيلة وراء كل هذه المظالم التي طبعا لم يعد أحد يتذكرها ولم يعد أحد مستعدا للجدل حولها بل هناك من تجده يسرد قصص وحكايات فقط لكي يدحض هذه ناهيكم عن ما سيلاقي العبد لله كاتب هذه السطور من أوصاف مقذعة على خلفية ما ورد في هذه التناولة..!!
لكل ما سلف أقول أن تعز أكبر من أن تعود للحاضنة القبلية تحت أي مسمى أو تكتل حتى وأن كانت الغاية محاولة إستشراف من قبل _ البعض _ بإمكانية إعادة تعز او جزءا منها في ركب الترويكا الراهنة الساعية لإحياء ما يمكن إحيائه من التراث القبلي مستغلين تداعيات اللحظة والانقسام المجتمعي وبروز جماعة تبحث عن ذاتها المغمورة غير مكترثة بعواقب او نتائج مواقغها بقدر إكتراثها بعوائد ترجوها على خلفية هذه المواقف ..؟!!
يتبع |