الإثنين, 30-يوليو-2018
ريمان برس -خاص -
 
الباحث المتأمل في مسار الأحداث التاريخية الكبرى وتداعياتها يجد نفسه غالبا رغم وحشية ودراميه  ما يقف عليها من حقائق عن تلك الأحداث من حيث دوافعها وأسبابها وعواملها الذاتية والموضوعية وأيضا غاية تلك الأحداث ..أقول يجد الباحث نفسه يرى ذالك الماضي برؤية تخفف من وطأة الحاضر لأننا نجد في  ماضينا الملطخ بالدم والعار والتوحش ما يدفعنا بالقبول بحاضرنا الدرامي الذي نراه موحشا ومجرد من الأنسنة والقيم الأخلاقية غير إنه يبقى مقبولا مقارنة بماضينا وماجرى فيه من توحش يصعب بل يستحيل قرأة تفاصيله دون أن يصاب القارئ أو الباحث بحالة رعب وهلع كقارئ لهذه الأحداث التاريخية المؤغلة فما بالكم بحال من عاشها وعائشها ..!!
في أحداث المسلمين التي تفجرت بعد وفاة رسول الله صل الله عليه وعلى آله وسلم والتي تفجرت بين أصحابه وأتباعه وعامة المسلمين وهي الأحداث التي وضعت مداميك _ الفتنة _ الخالدة والدائمه بين المسلمين _ الفتنة_ التي تواصل إنتاج تداعياتها وأدواتها وثقافتها وتراثها فيما أطرافها يواصلون بدورهم الحشد والتعبئة ورص الصفوف واستقطاب الأتباع والأنصار. المؤيدين وحقنهم بالأفكار والشعارات والقصص والحكايات من قبل أطراف _ الفتنة _ الذين يخوضون حر وبهم مع _ بعضهم _ تحت رأيه الله والرسول مؤمنين أن ديمومتهم وبقائهم على واجهة الفعل والحدث مرهون بديمومة تمسكهم بذالك الماضي واستحضار ثقافته والتمسك بمؤبقاته دون إعطا فرصة للعقل أو فرصة للإحتكام لكتاب الله وسنة وسيرة رسوله الكريم صل الله عليه وسلم والذي أرسله الله رحمة للعالمين وكرم ببعثته أمة العرب وهو النبي العربي الوحيد وقد جعله خاتم الأنبياء والرسل وأنزل عليه أعظم إنجاز رباني هو القرأن الكريم الذي حوى قصص الأولين والأخرين وعلمنا ما لم نكن نعلم وأنزل فيه قوانين ونواميس وتشريعات تدلنا على طريق الحق والعدل والفضيلة ومكارم الأخلاق كما يحملنا إلى آفاق التقدم والمعرفة والعلوم الإنسانية الكفيلة بأن تنقلنا إلى حيث يجب أن تكون أمة محمد صل الله عليه وسلم وتكون رسالتها ويكون دورها..
في مفردات _ الفتنة _ يجد الباحث والمتأمل نفسه أمام ثلاثة أسباب للنوازع البشرية حددها لنا الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم وهذه النوازع نجدها في قوله تعالى : أرأيت الذي اتخذ الاهه هواه ..وقوله سبحانه : النفس الأمارة بالسوء..والسبب الثالث هو دور ( الشيطان) ..وبما أن كيد الشيطان كان ضعيفا فإننا أمام _ فتنة _ متوحشة ودامية ومرعبة كان فيها السببان الأول والثاني هما المحركان لها والعاملان على ديمومتها وصيرورتها التاريخية _ فتنة_ يجزم المتأمل والباحث لمسارها وتداعياتها بأزليتها أن كانت تستحضر نفسها وبقوة رغم مرور قرابة أربعة عشرا قرنا ونيف من اندلاعها ..؟!
اعترف أن تاريخنا الحديث والمعاصر كاد يرعبني في أحداثه لكن العوده لبداية تاريخنا المفترض إنه محصن بنور الهداية المحمدية والمجبول بمكارم الأخلاق كاف لأن يجمل لنا بشاعة حاضرنا ويدفعنا للقبول به فرغم كل مؤبقات اللحظة تظل أهون من لحظة انطلاق البداية الدامية الحاملة لبشاعة الفعل والغاعلين ..!!
بالعودة لإصل موضوعنا نجد أن وفاة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام قد أوجدت حالة من ( التيه) حالة ( تاه) فيه المسلمين عن طريق رسمه الرسول في سيرته وسلوكه وأمر به الله سبحانه وتعالى وحدد معالم هذا الطريق الجديد لأمه محمد وهي طريق الهداية والتنوير والقيم والاخلاقيات على هدى من كتاب الله وتعاليمه وسنة رسوله الكريم وسيرته ..كل هذا للأسف افتقدته الأمة بعد رحيل نبيها إلى الملاء الأعلى لتسود من بعده النوازع البشرية المدفوعة لغايات وأسباب دنيوية لا علاقة لها بما تركهما لنا رسولنا الخاتم _ كتاب الله وسنة رسوله_  عليه أفضل الصلاة والتسليم ..
إذ أوجد غياب الرسول القائد الذي التف الناس حوله فرصة للنوازع البشرية المتطلعه لذاتها والموزعة بين دعاة شرعية إكتساب ( الولاية)_ بني هاشم _ وبين دعاة ( إمتلاكها) بحكم المكانة_ قريش _ وبين من يرى نفسه ( الأحق والأولى بها) بحكم الدور _ الأنصار _ وفيما وجد دعاة ( الولاية) أنفسهم يتنافسون عليها ويتربصون ببعضهم ..كان دعاة ( التملك) بدورهم يتربصون ببعضهم ويرقبون مواقف بعضهم ..فيما دعاة ( الإستحقاق) أدركوا إستحالة المنافسة فجعلوا من أنفسهم _ حصان طروادة _ يحملون أطراف المنافسة ويؤججون المنافسة ويتلذدون بمجرياتها ثارا لذاتهم ورغبة في الإنتقام ممن عملوا على تهميشهم ..؟!!
ما هو ملفت في الأحداث أن الكل لم يرى في الدين وما أتي به النبي الخاتم سواء أمصار وولايات وثغور وثراء ..فيما العقلاء توزعت مواقفهم بين اعتزال _ الفتنة _ وأطرافها والنئي بالنفس بعيدا ومن وجد نفسه ينصت لهذا ويتمنى له التوفيق وينصت لذاك ويتمنى له الفلاح ..؟!!
فيما هناك من حسم أمره على قاعدة المصلحة الخاصة والمرجوة من أطراف _ الفتنة_ فيما جغرافية الدولة الوليدة كانت موزعة الولاءات والزعامات فكانت ( مصر ) مع الإمام علي و(الكوفة) لطلحه بن عبيد الله و( البصرة ) للزبير و ( الشام ) لمعاوية واليمن تتناحر عليها الزعامات المحلية نيابة عن أطراف الصراع أيضا ..؟!
كانت هذه صوره المسلمين عشية مقتل الإمام علي رضي الله عنه ..الذي لا أشك في مظلوميته إطلاقا بل ومؤمن حد اليقين بأن هذا الصحابي الجليل والزاهد تعرض لظلم مجحف ودفع وأل بيته ثمنا باهضا ما كان يليق بالمسلمين أن يتركوه يدفع ذلك الثمن ..لكن بالمقابل ذهب أتباعه بعيدا في إنتقامهم وثارهم له ولواقدر له العيش لما كانت الأحداث قد أوصلتنا إلى ما نحن عليه قطعا..
كما أن هناك (ثلاثة) لو تعقلوا وحايدوا أو نهوا وأمروا لما أتخذت _ الفتنة _ مسارها المعروف وهؤلاء الثلاثة هم : السيدة عائشة وطلحة والزبير ..وأربعة أخرون كان المسلمين يترقبون موقفهم ليتبعوهم وهم : عبدالله بن عمر. ..أبى ذر الغفاري ِ..سعد أبن أبي وقاص ..أبي موسى الأشعري ..كان في توافق وتوحيد مواقف هؤلاء ( السبعة) كفيلا بوآد الفتنة لكن هذا لم يحدث وما حدث أن هؤلاء توزعت مواقفهم بين التحريض والحياد والصمت ..!
لكن ذهبت _ الفتنة _ إلى حيث أرادها أطرافها ليتم اغتيال الإمام علي سنة 40 للهجرة وعلى أثر ذلك بايع اتباع الإمام علي الحسن بن علي إماما خلغا لوالده..
يتبع
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 01-مايو-2025 الساعة: 10:55 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://raymanpress.com/news-81823.htm