الجمعة, 19-يناير-2018
ريمان برس -خاص -

في مارس 1961م وصل بيروت ونزل في ( الكارتينا ) رجل وفتاة كمبعوثين من قبل البنك الدولي مهمتهم تقيم الأقتصاد اللبناني بهدف تقديم مساعدة مالية من البنك لحكومة لبنان ..كان الرجل يدعى ( وليم دوجلاس ) والفتاة تدعى ( صوفيا يونس ) وقد نزلوا في ( الكارتينا ) برعاية الرئيس كميل شمعون ..وكان أول من ألتقى بهم فور وصولهم لبنان السيد (كمال أدهم _ رئيس جهاز الاستخبارات السعودية ) وفي اليوم التالي أستقبل الرجل والفتاة كل من عبد الكريم النحلاوي وخالد بكداش ورجل أعمال سوري من دمشق لم تسعفني الذاكرة لتسميته..
لم يكن وليم دوجلاس هذا سوى ( أشكول زئيفي ) أحد أهم ضباط الموساد الصهيوني فيما الفتاة لم تكن سوى ( هيلينا شاوول ) التي تلقب في أوساط زملائها في الموساد ب ( صائدة الفرسان ) وكانت المهمة التخطيط للإنفصال وإثارة النعرات الطائفية والتحريض ضد عبد الناصر والوحدة ..
كانت وحدة مصر وسورية بقيادة عبد الناصر قد شكلت قلقا مزعجا لإطراف إقليمية ودولية وكانت أكثر الأطراف قلقا وإنزعاجا هم : النظام السعودي والكيان الصهيوني والنظام الإردني ومعهم ترويكا المارونية السياسية في لبنان والشيوعيين في كل من سورية والعراق ولبنان ..إذ كانت المسميات الشيوعية العربية ترى في نفوذ عبد الناصر وحظوره بمثابة الكابوس وأنجرت خلفهم بعض القيادات ( البعثية ) رغم أن حزب البعث كان قد حل نفسه عام 1958م عند إعلان دولة الوحدة وقد أتخذ قرار الحل طواعية ولم يطلب منه حل نفسه وكانت الوحدة قد فرضت على عبد الناصر من الجانب العربي السوري بعد تحركات جماهيرية وضغوطات شعبية ومظاهرات عمت كل أرجاء القطر العربي السوري كما تحرك الجيش العربي السوري ضاغطا بدوره بإتجاه تحقيق الوحدة الفورية مع مصر ولم يجد الرئيس شكري القوتلي والقيادة العربية السورية بدء من السفر للقاهرة وتسليم كل الأمور للرئيس ناصر الذي لم يجد أمام الضغوط الشعبية مفر غير قبول الوحدة الفورية مع الإقليم الشمالي لتقوم بموجب هذا الأتفاق الجمهورية العربية المتحدة ..فكان الحدث مزعجا لقوى الرجعية وحلفائها المستعمرين وبالتالي راحوا يستغلون كل الظواهر السلبية ضد المشروع العربي الوحدوي ومحاولة نسف المشروع قبل أن يطغى الحظور الجماهيري للقائد عبد الناصر ويترسخ مشروعه القومي على الخارطة وكذا منجزاته وتحولاته الثورية ..كان لابد من قمع طموح الثورة العربية وقائدها وكانت هذه الفكرة تراود محاور النفوذ الإستعماري وحلفائه من القوى الرجعية منذ العام 1956م فيما الفكرة ذاتها وأقصد فكرة قمع وتحجيم النفوذ الناصري في الوطن العربي كانت أيظا تراود قوى اليسار التقدمي التي وجدت نفسها مهمشة وعاجزة عن الحركة والتمدد في ظل حظور يكاد يكون طاغ للزعيم القائد جمال عبد الناصر وثورته العربية التي تعد أول ثورة عربية أستلهمت آمال وتطلعات الجماهير العربية وتبنت أهدافها وتطلعاتها التي تبلورت في الحرية والاشتراكية والوحدة لتصبح هي أهداف النضال العربي وهي غاية الجماهير العربية التي لأجلها ضحى وناضل القائد المعلم وخاض معاركه الداخلية والخارجية طيلة 18 عاما من نضال يومي شاق ومرير ..
في هذا السياق يعترف الملك سعود بن عبد العزيز بعد أن تمت الإطاحة به من قبل شقيقه فيصل بعد أن أعترف الأول بحق الشعب اليمني بالثورة ضد الإمامة فتم عزله وذهب الملك سعود للقاهرة وعاش فيها كلاجي سياسي حتى وفاته وقد أعترف بدور بلاده وأجهزته في العمل لإسقاط دولة الوحدة وتمويل مشروع الانفصال وبطلب من واشنطن ولندن اللتان قدمتا كل أشكال الدعم اللوجستي لرموز الانفصال وسخرا كل وسائلهما الإعلامية لضرب المشروع الوحدوي الوليد وضرب مشروع القائد جمال عبد الناصر في المنطقة ..
لقد جوبهت ثورة يوليو وقائدها بكل صنوف وأشكال المؤامرات ومن أكثر من طرف رجعي _ إستعماري _ يساري تقدمي فكل هولاء عملوا بكل قدرتهم على تشويه ثورة يوليو وقائدها وأهدافها ومبادئها لدوافع متفاوتة تراوحت بين الخوف على عروش ونفوذ والخوف على نفوذ ومكانة فيما كان هناك متأمرون بدافع الغيرة من القائد وثورته وأفكاره لكن التقت رغبات الكل في ضرورة تحجيم أن لم يكن إسقاط ناصر والتخلص منه ومن ثورتة ومن القيم التي جاء بها والمبادئ والأهداف التي رفعها وكلها تقطع الطريق أمامهم وتقزمهم أمام الجماهير العربية التي أمنت بناصر قائدا ومعلما ورمزا قوميا وأمينا صادقا على مصالحها وساعيا لتحقيق أهدافها وتطلعاتها ..
وقد لعب المثقفون ( الشيوعيون ) وبعض ( القوميون ) دورا في تحقيق أحلام القوى الرجعية والاستعمارية حين راحوا يستهدفون الوحدة ومشروعها والقائد وثورته والمبادئ والأهداف التي رفعها تارة بأسم الطبقية والصراع الطبقي وتأرة بذريعة أن الوحدة لم تقم على أسس بل كانت وحدة محكومة ب ( العواطف ) ..?
وكانت أقلام وصحف ومجلات اليسار العربي تحمل في طياتها وصفحاتها كل يوم وكل أسبوع كل الإوصاف التي تستهدف التشكيك بالوحدة والثورة والقائد والأهداف ..وكانت صحف ومجلات اليسار الماركسي الصادرة من بيروت وأبرزها كانت مجلة ( بيروت المساء ) تكيل وبكل صفحاتها وأعدادها التهم الجزافية للقائد والتجربة والمشروع القومي بذريعة إنتمائه للطبقة البروجوازية تارة وتارة لإنتمائة لطبقة العسكريتارية المعادية لإهداف قوى ( الشغيلة والكادحين )..?!
يتبع
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 01-مايو-2025 الساعة: 10:18 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://raymanpress.com/news-81641.htm