الخميس, 18-يناير-2018
ريمان برس -خاص -
خلال الفترة 1952_ 1961م أنهمك القائد المعلم جمال عبد الناصر في ترسيخ وتجذير قيم التحولات الثورية على الصعيد الجماهيري الداخلي والمتمثلة بقانون الإصلاح الزراعي وهو أحد إهم الظواهر الثورية لثورة يوليو وقائدها والذي إعادة بموجبة الثورة توزيع الأراضي على الفلاحين والقضاء 6لى سيطرة الإقطاع وكان هذا العمل الثوري أكثر الأعمال تعقيدا وإنهاكا وإقلاقا لقائد الثورة ..إذ ورغم قيامه بتسليم الفلاحين صكوك الملكية للفلاحين إلا أن الفلاحين لم يكونوا مستوعبين هذه الخطوة وظلوا يدينون بولائهم _ خوفا _ للإقطاعين فكانوا في نهاية كل محصول يجنوه يذهبوا به للإقطاعي الذي أنتزعت منه الأرض غير مصدقين أو مستوعبين إن المحصول هذا من حقهم وأن الأرض أصبحت ملكهم فأضطر القائد إلى نقل كبار الإقطاعين من منطقة لمنطقة ومن محافظة لمحافظة حتى يقطع صلتهم بمناطق نفوذهم التقليدية ..كما أنهمك القائد بإدارة التحولات الثورية في القطاعات الصناعية والتجارية والسد العالي ومدينة حلوان الصناعية وشركة النصر ومثلت هذه العناوين قاعدة إستراتيجية للأقتصاد العربي الثوري وساهمت بالقضاء على الإقطاع وسيطرة رأس المال المستغل وتحررت مصر من الاحتكار في ذات الوقت الذي أنهمك فيه القائد على حماية الثورة وتحولاتها عبر سياسة ( التجربة والخطا ) في البحث عن حاضنة سياسية وثقافية وفكرية تقود الرأي وتوجهه نحو أهدافه ..في الجانب الخارجي أنهمك ناصر خلال السنوات 1952 _ 1961م في تحصين الثورة والتحولات ونسج علاقات خارجية بعيدة عن هيمنة وتأثير أقطاب الحرب الباردة دون أن يغفل مهمته القومية والثوريه في مساعدة حركة التحرر العربية والأفريقية والتصدي للمشاريع الاستعمارية فكان مؤتمر باندونج الذي قامت بموجبه حركة عدم الأنحياز والحياد الإيجابي الذي برزت دوله كقطب ثالث يواجه القطبين السوفييتي والأمريكي وفيما سلمت الدول العربية الأعضاء في جامعة الدول بدور مصر القائد والريادي كرها وطواعية بانتظار من يخلصها من نفوذ مصر عبد الناصر سعى ناصر إلى إغلاق القارة الإفريقية أمام القوى الاستعمارية فكانت منظمة الوحدة الأفريقية السد والحاجز الذي تحطمت عليه أطماع المستعمر طيلة فترة زعامة ناصر وقيادته القومية ..معارك كبيرة وتحولات عظيمة خاضها وحققها القائد المعلم جمال عبد الناصر ومناخات سباسية وفكرية أوجدها وخاض فيها من أجل الإنسان العربي وحقه في الحرية والعدالة والاستقلال والكرامة الإنسانية ..
في سبتمبر 1961م سقط مشروع الوحدة بين مصر وسورية وحمل هذا السقوط أول خنجر وجه لصدر الزعيم القائد وقد تعددت الأيادي التي ساهمت بحمل هذا الخنجر وغرزه في صدر القائد منها أيادي داخلية تمثلت برموز البيروقراطية الإدارية الذين مارسوا في مهامهم اليومية في الإقليم الشمالي سلسلة أخطاء قاتلة وكان أولهم المشير عبد الحكيم عامر الذي كان محل ثقة مطلقة من القائد ولكنه لم يكن على مستوى هذه الثقة رغم كل ما قيل ويقال ..كما لعب الإنتهازيون في سورية على أخطاء البيروقراطية الإدارية ووظفوها لتحقيق أهدافهم القطرية العفنة وكان أبرز هولاء ( خالد بكداش ) وجماعة ( الحزب الشيوعي ) الذين توهموا إن بإمكانهم تشكيل إمبراطورية ندية لمواجهة ناصر وثورته تتمثل بتلاحم الشيوعين في سورية والعراق وكان عبد الكريم قاسم والشيوعيين العراقيين يقفون خلف هذا المشروع الوهمي دون أن نغفل دور القوى الرجعية في الوطن العربي وأذناب المستعمرين الذين شجعوا ( الشيوعيين ) في سورية بالعمل على الأنفصال وسارت معهم بعض (القيادات البعثية ) بهذا الإتجاه لدوافع ذاتية وكان أبرز الرموز البعثية في هذا المسار هو (صلاح الدين البيطار ) الذي ندم بعدها على موقفه وصرح بعد خروجة من سورية إلى فرنسا قائلا ( لوا كانت يدي قطعت ولم أوقع على وثيقة الأنفصال ) إذ كان ( البيطار ) أحد الموقعين على وثيقة إنفصال سورية عن مصر والتي صاغها ( خالد بكداش ورفاقه )..!!
لم يكن الأنفصال تعبيرا عن رغبة الشعب العربي في سورية العاشق للوحدة ولم يكن أيظا يحظى برغبة الغالبية من الرموز والقيادات القومية المنتمية لحزب البعث أو للحزب العربي الأشتراكي ..بل كان غالبية الشعب العربي السوري وقياداته ورموزه ومرجعياته السياسية والفكرية مع الوحدة ومع إصلاح الإختلالت الإدارية ناهيكم أن قوى الأنفصال كانت محصورة في العاصمة دمشق وتتشكل من نخبة إنتهازية غلبت مصالحها الحزبية والخاصة على مصلحة الشعب وحاجته وكان ( الشيوعيون ) هم الدينامو المحرك للإنفصال رغبة بالثأر من قائد ثورة يوليو ولعوامل نرجسية أستوطنت عقلية بعض الشيوعين العرب الذين كانوا يضعون أنفسهم أندادا لعبد الناصر ولثورته ولمشروعه السياسي العربي الذي أستلهم آمال وتطلعات وأحلام المواطن العربي بسلاسة وبساطة ودون تعقيدات فلسفية وحين طرح هولاء على القائد الأستعانة بالنظرية الاشتراكية وإمكانية الأخذ بالتجربة السوفيتية أو الصينية أو اليوغسلافية رفض ناصر الفكرة وجاء الرد على هذا الطرح في نصوص ميثاق العمل القومي الذي رأى النور عام 1961م حيث قال القائد المعلم ( إننا لا ننهمك بالنظريات بحثا عن حياتنا ولكننا ننهمك بحياتنا ذاتها بحثا عن النظرية ) ِِ.
كان الأنفصال طعنة لناصر ولمشروعه ولكل الجماهير العربية التي هتفت من أعماق قلوبها للوحدة ..في الجانب الأخر كان يوم 28 سبتمبر 1961م عيدا عن القوى الرجعية والمحاور الاستعمارية والكيان الصهيوني الذين رقصوا وهللوا لسقوط الوحدة فيما أذناب الإمبريالية راحوا ينظرون عن إستحالة تحقيق ( الوحدة العربية ) وأن لا مكان لشي أسمه ( الأمة العربية ) إلى أخر معزوفة (السفالة ) التي نسمعها من حين لاخر ولانزل من أبواق الإرتهان وغلمان الإنبطاح وما أكثرهم في زماننا هذا ..!!
كانت دمشق وحدها من قررت الانفصال فيما بقية المدن العربية رفضت الفكرة وانتظرت إشارة من القائد الذي كان مدركا أن لقرار الأنفصال أهدافه وهو بمثابة ( الفخ ) الذي وضع في طريق الثورة والأمة وأهدافهنا الحضارية ..وحين تحمس بعض رموز السلطة لإخماد الانفصال عسكريا وكان غالبيتهم من أبناء سورية رفض القائد فكرة إخماد الانفصال عسكريا أو أستخدام القوة أيا كان شكلها مؤكدا ( أن الوحدة لاتفرض بالقوة ) وشكل الموقف الذي وقفه القائد من الانفصال صدمة للمحاور الاستعمارية التي كانت تنتظر رد فعله وكانت تتوقع أن يوجه بالتدخل العسكري وقمع الإنقلابيين لكن القائد لم يفعل فأحبط مخطط ضرب الثورة العربية ومشروعها الحضاري وبالتالي تأجل هذا المخطط الى عام 1967م ..
يتبع
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 01-مايو-2025 الساعة: 05:17 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://raymanpress.com/news-81639.htm