الجمعة, 18-أغسطس-2017
ريمان برس - خاص -

من يحكمنا ؟ ولماذا يحكمنا ؟ وكيف يحكمنا.؟

دعونا نتوقف أمام شخصية حكامنا والبيئة التي قدموا منها والتضاريس التي شكلت قناعتهم ، طبعا نحن نناقش وناقشنا كل قوانين الكون ونظرياته وفلسفته ، ونعرف كثيرا عن حضارة العالم ورموزه ، ونتحدث عن نهضة اوروباء وقادة الثورة الصناعية ، كما نتحدث أكثر عن تخلفنا وعن تاريخنا الدموي ، لكن للأسف لم نقف ولم نتحدث بما فيه الكفاية عن شخصية وكارزمية حكامنا وعن السيكلوجية الاجتماعية والبيئة التي شكلت قيم وقناعات وسلوكيات هولاء الحكام ؟ وبالتالي مدى طغيان القيم البيئية والتقاليد في تشكيل قناعات وهوية الكارزمية الحاكمية في اليمن والوطن العربي ، وسنأخذ فقط نماذج عابرة لأن هذا الموضوع يحتاج لابحاث ودراسات اكاديمية ومراجع وجهود جبارة لتقديم دراسة فكرية متكاملة حول هذا الجانب ، فيما _ العبد لله _ لا يملك كل هذه الإمكانيات الغير متوفرة ، وأن فكر بالأمر فهوا تفكير عابر استحضره من ذاكرتي وكل ما سلف من القول هو ما اختزلته ذاكرتي ولم اعود لمراجع ولا لنصوص منهجية موثقة ، وكل ما في الأمر إن الفكرة برزت فرحت أدونها وعليكم تقبلها كما هي ، رغم اني اتمنى لو تطورت الفكرة لتصبح دراسة علمية تستفيد منها الأجيال حاضرا ومستقبلا ، لأن الإمانة تقتضي أن تعرف أجيالنا شخصيات ونفسيات حكامها ، وأن ندرك جميعا ان هزائمنا كانت ولا تزل وتخلفنا ايظا مرهون بكارزمية حكامنا وعقدهم الاجتماعية المترسبة والمتراكمة وكذا على خلفية تبنيهم واستحظارهم لكل ترسبات ومعتقدات وتراث الماضي بكل ما يحمل من مفاهيم التخلف والجهل ومخالفته لكل نواميس الكون ومتغيراته الاجتماعية والحضارية ..
على خلفية كل ما سلف اجدني هناء ملزما بتحديد النماذج الكارزمية التي سأتوقف أمامها وهي نماذج حاضرة نعيش معها ولا تزل تمارس دورها في تجسيد قناعتها وتكريس دورها بمعزل عن أتفاقنا كليا معها أو أتفاقنا الجزئي عليها ، وهذه النماذج تتمثل ب ( الزعيم صالح ) و ( الرئيس هادي ) و ( السيد عبد الملك ) ، وقد نستشهد ببعض الشخصيات الكارزمية الوطنية او القومية بصورة عابرة ومن باب الاستدلال وحسب ،لأن الهدف هو معرفة من يحكمنا ؟ وكيف يفكر من يحكمنا ؟ وما هي المميزات التي تؤهله ليحكمنا ؟ وما هي العوامل الفكرية والثقافية والاجتماعية التي جعلته يقوم بدور الحاكم ؟ ومصدر الشرعية التي اعتمد عليها كل واحد من هذه ( الرمزيات القيادية ) ليتمكن من أحتلال المكانة التي يحتلها اليوم في مسارنا الوطني  ؟
فما نعانيه اليوم من تداعيات مؤلمة قطعا ليست بعيدة عن الحالة التي نشاء فيها صناع القرار المشار إليهم سلفا ، وهولاء تحكمهم وتتحكم بهم قيم مكتسبة ، قيم شكلت قناعتهم وعواطفهم وافكارهم ورؤيتهم للوطن والمواطنة ، وهذه القيم التي يحملها هولاء جاءت بدورها نتاج عوامل بيئية وجغرافية وثقافة مكتسبة توارثها كتقليد وأعتمدها كمنهج ، وحين وصل لمركز صناعة القرار لم يتمكن من التفريق بين القناعات المكتسبة لديه وترسباتها وأدرانها وبين واجباته الوطنية التي تستدعيه وتحتم عليه إمتلاك رؤية شاملة تمكنه من إدارة الواقع الإجتماعي بطرق حضارية وبقيم حضارية تحاكي متغيرات اللحظة الوطنية وتنسجم مع التطلعات والرغبات الشعبية ..غير أن هذا لم يحدث للأسف وما حدث أن ثمة  هيمنة جزيئة شكلت وتشكل قناعات وأفكار صناع القرار ممن سبق الإشارة لهم ، وسعى ويسعى كل طرف منهم أن ينتصر لقيمه المكتسبه دون القيم المطلوبة وطنيا وحضاريا ..؟!
دعونا نستشهد أيظا بالنظام ( السعودي ) الجار القريب لنا ودوافعه واهدافه من العدوان والتي لا تتسق مع الاهداف والتطلعات الحضارية والإستراتيجية لبلاده ، ولكنها تتسق مع قيم وتقاليد واعراف ثقافية متخلفة هي من تشكل رؤية وفهم النظام المجاور والقائمة أو المرتكزة على مفاهيم ( ثارية ) قديمة زرعها في ذاكرتهم جدهم المؤسس وهي حصيلة نزوع ( قبلي ) وروى قاصرة لا يمكن إعتمادها أو الاخذ بها وجعلها قاعدة لإدارة دولة والتعامل مع المحيط وفقها ..!!
أن شخصية ( القادة ) الطبيعيين يجب ان تكون منسجمة مع الحاجة الكلية للوطن وأهدافه الحضارية ومنسجمة مع التطلعات الشعبية والملبية للمتغيرات الحضارية المضطردة ..حين أقول هذا لا يعني إننا أنتقص من شخصية هذا ( الرمز ) أو ذاك ، بقدر ما أحاول تشخيص واقع مجبول بكل بعوامل الإنقسامات القائمة على خلفية الثقافة المكتسبة لدى صناع القرار ورموز الفعل الوطني الذين تحركهم قناعتهم المكتسبة وتراثهم الثقافي المكتسب بمعزل عن اللحظة التاريخية ومتغيراتها ومتطلباتها ..
أن الصراعات الإجتماعية تحركها عدة عوامل أبرزها :
أولا : غياب الهوية الكلية للمجتمع وطغيان الهويات الجزئية ( طائفية _ مذهبية _ سلالية _ حزبية _ قبلية _ مناطقية ) ..
ثانيا : غياب الدولة المؤسسية الملتزمة بحماية وحراسة نصوص العقد الإجتماعي _ الدستور_ المتفق عليه من قبل كل مكونات المجتمع .
ثالثا : تسلط وهيمنة قوى بذاتها على مقدرات المجتمع ، وفق قناعات مكتسبة بأحقيتها المطلقة في الحكم والتسلط وإدارة شئون المجتمع وفق قناعتها المكتسبة أيظا .
رابعا : غياب معائير العدل الإجتماعي وغياب مبدأ تكافؤ الفرص بين المكونات المجتمعية وإستئثار شريحة بذاتها على السلطة والثروة بزعم الحق المكتسب .
هذه العوامل وغيرها الكثير من العوامل المفجرة للصراع الإجتماعي ، وكل هذه العوامل محكومة بوعي الفعاليات القائمة على إدارة المشهد الاجتماعي وهي المالكة لكل خياراته ، وبالتالي إذا ما وقفنا أمام أسباب ومسببات الصراعات المجتمعية سنجدها قائمة بين ( رموز وجاهية ) يزعم كل منهم إنه صاحب الحق والشرعية ، فيما الاخر دخيل أو غير مأمون على إدارة شئون المجتمع ،وهذا يحدث في المجتمعات ( البدائية ) كمجتمعنا اليمني ، والامر يسحب نفسه والظاهرة إلى بعض المجتمعات العربية باستثناء _ المجتمعات الخليجية المجاورة _ التي حسمت فيها الهوية والانتماء وأصبحت المجتمعات هناك مملوكة بالكامل للملك والامير والشيخ وبالتالي ذابت التناقضات وأن وجدت في سياق الطفرة المادية والثروة والرعاية الأجنبية لإنظمة تلك المجتمعات ، التي وجدت في الطفرة المادية ما يبعدها عن التناقضات في ظل كارزمية حاكمية _ متخلفة _ ولكنها تملك من عوامل القوة ما يمكنها من فرض خياراتها التي يلتزم بها المجتمع طالما وأفراده يعيشون بقدر من الرفاهية الاستهلاكية .
خلاصة القول أننا في هذه البلد محكومين بنخبة من الرمزيات الفاشلة والمعقدة أيظا ، نخبة تتكئ على منظومة قيم مكتسبة ، وكل رمزية سياسية او قبلية او دينية تسعى لفرض خياراتها وقيمها الجزئية بمعزل عن الخيارات والقيم الوطنية الكلية ، وحين تغيب الهوية الكلية تطغى الهويات الجزئية وهذا ما نعيشه ويتميز به مسارنا الحضاري الراهن ..!!

( تنويه : كنت قد حددت لهذا الموضوع ثلاث حلقات ، غير انني فشلت في أختزال الفكرة لثلاث حلقات وعليه فان هذه هي الحلقة الثالثة إفتراضا ، غير اني مضطرا لإضافة حلقة رابعة ..فأرجو المعذرة من القارئي ان كان هناك قراء لمثل هذه الكتابات _ طه العامري )
تمت طباعة الخبر في: السبت, 17-مايو-2025 الساعة: 08:06 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://raymanpress.com/news-81233.htm