ريمان برس - خاص -
من المفارقات المثيرة والعجيبة والغريبة أيضا في عملية إستهداف ( مؤسسة الميثاق للصحافة والطباعة والنشر ) هي الطريقة المفضوحة والمكشوفة التي أستخدمت لتدمير المؤسسة وإحباط دورها ورسالتها الوطنية بعد أول مهمة أوكلت لها وقامت بتنفيذها بدقة متناهية وبزمن قياسي وبكفاءة عالية ، الأمر الذي أثار غضب وحنق ( الطغمة النافذة ) في قيادة المؤتمر التي لم تقوم بما قامت به تجاه المؤسسة على خلفية مزاعم كاذبة عن ( فساد مدير عام المؤسسة ) بل كان الهدف هو الدكتور عبد الكريم الإرياني _ رحمة الله عليه _ ومشروعه الثقافي الذي سعى لتحقيقه من خلال المؤسسة ليعطي المؤتمر ألقا فكريا وثقافيا ورسوخا وطنيا يمكنه من تحقيق كل تطلعات الشعب وآمانيه الوطنية التي اخفقت مسيرتنا الوطنية من تحقيقها او ملامسة مكامنها خلال نصف قرن من عمر الثورة اليمنية ، على خلفية الهيمنة والغطرسة التي فرضتها على مسارنا الوطني وعلى تحولاتنا الحضارية الطغمة النافذة التي فرضت خيارات التخلف على مسارنا .هذه القوى لم تتمكن من إحباط هذا المشروع خلال تبلوره من فكرة إلى عمل إلى كائن مادي ملموس يخوض بداية مساره ورسالته ، والسبب أن المشروع كان بالأساس مشروع الدكتور عبد الكريم الإرياني وحلم ظل يراوده وزاد تجذر هذا الحلم في وجدان وذاكرة الدكتور عبد الكريم الإرياني رحمة الله عليه ،بعد حرب صيف العام 1994م وبروز ثقافة التنافر الاجتماعي والتي كان يخشاها الدكتور عبد الكريم كنا يخشى الكثير من الظواهر السلبية التي من شأنها تمزيق كل أواصر الترابط والتلاحم المجتمعيين وتمزيق واحدية الهوية الوطنية الجمعية لشعبنا ، ويمكن إدراك هذا التوجه لدى الدكتور الإرياني مبكرا على تأسيس المؤسسة من خلال مقابلاته وتصريحاته حول القضية الجدلية التي برزت مبكرا وتحديدا خلال المرحلة الانتقالية حول ( واحدية الثورة اليمنية ) وأتذكر جيدا حديث الدكتور عبد الكريم الإرياني في ندوة نضمتها ( مجلة الثوابت ) وقد تحدث مطولا عن ( المؤسسة ) وأهميتها ودورها ورسالتها والغاية التي يجب أن تصل إليها ، دون أن يذكرها بل تحدث عن حاضنة وطنية يجب ان تكون وان تعمل على تجذير قيم الهوية والانتماء وتتبنى مشروعا وطنيا للتغير الاجتماعي ، تعيد من خلاله الاعتبار للهوية والتاريخ ، وتتصدى لكل الافكار ( المريبة والدخيلة ) التي يسوقها البعض دفاعا عن قيم التخلف المكتسبة ،وهي قيم بقاءها يكفل ديمومة تسلط البعض الذين يفرضون على الوطن خياراتهم التي ستبقى ما بقيت قيم التخلف التي تحرك الطاقات الشعبية بصورة جزئية أو كلية لتأمين مصالح هذه القوى الطفيلية الحاملة لمشاريعها الخاصة على حساب المشروع الوطني ..!!
كانت فكرة إنشاء المؤسسة لدى الدكتور فكرة ( إحتيالية ) على قوى النخلف التي رفضت وظلت ترفض كل المشاريع الوطنية المضادة لمصالحها سوى تعلق الامر بمناهج التربية والتعليم او بمسار التعليم العالي والجامعي ، او بتحديث الخطاب الإعلامي والتحكم بدفته ، وكانت كل هذه المحاولات تقابل برفض مطلق لقوى التخلف النافذة ويكفي ان نتذكر على سبيل المثال _ ان قانون تنظيم حمل السلاح ، ظل في أدراج مجلس النواب عقدين من الزمن ورفض رئيس المجلس حينها عبد الله الاحمر النظر إليه أو البث فيه ) وعلى هذا الموقف يمكن قياس بقية المواقف المتصلة بأي محاولة تحديث لمسارنا الوطني ، ولأن الدكتور الإرياني _ رحمه الله _ كان يدرك بل وعلى ثقة من تعثر هذا المشروع أن جاءا بصورة واضحة فقد حاول رحمة الله عليه الالتفاف على خيارات قوى التخلف بأن سعى لتأسيس هذا الكيان الثقافي والتنويري وإليه أوكل مهمة تحقيق حلمه وحلم كل يمني ، وهو إيجاد القاعدة الأساسية لمشروع التغيير الثقافي والاجتماعي ، أو بالأصح تحقيق _ ثورة ثقافية يمنية _ تعيد صياغة التاريخ والهوية والثقافة الوطنية وعلى أسس حضارية تتناغم مع الحاجة الوطنية ولا تستفز ( لوبيات الجهل والتخلف ) بصورة مباشرة بل تستهدف مشاريع التجهيل التي بتبنونها ولكن بطرق سلسة وهاديئة وبعيدا عن الصدام المباشر مع قوى التخلف النافذة ..!!
وقد عمل الدكتور الإرياني _ رحمة الله عليه _ على اختيار كوادر المؤسسة بعناية وحرص شديدين وكان أكثر حرصه أن يكون الكادر التنفيذي للمؤسسة من رجال أنقيا فكريا وغير ملوثين حزبيا او مذهبيا أو سلاليا او طائفيا أو مناطقيا ، وان يعملوا من أجل اليمن كل اليمن ويسعون لتحقيق اهداف وغايات المؤسسة وفق المبادئي والمنطلقات التي قامت عليها ، ولم يكن الدكتور عبد الكريم ، يكترث بغير إيجاد المؤسسة والبدء في رسالتها كذلك لم يكن الدكتور غبيا او ساذجا بل كان ويعرف عنه الجميع سياسيا محنكا ومثقفا وطنيا وقوميا وذو رؤية إستراتيجية ورجل دولة من طراز فريد ونادر ناهيكم عن كونه دبلوماسيا معتقا يشهد له دبلوماسيي العالم المتقدم ، هذا الرجل والهامة الوطنية والشخصية المؤتمرية المتميزة ، هو من إنشاء المؤسسة وهو من اختار كادرها ، وهو من اعطاها الرأسمال المادي والمعنوي ،ولم يستلم من المؤتمر فلسا واحدا ، ومع ذلك اختار وبطواعية الإرتباط بالمؤتمر عبر ربط المؤسسة بدائرة هيئة الرقابة والتفتيش ، لكي يجعل قيادة المؤتمر على علم وإطلاع بكل أنشطة المؤسسة ،حتى لا يقال ان الدكتور عبد الكريم الإرياني أستغل نفوذه ومكانته في إنشاء مؤسسة تعمل لصالحه _ وياليته كان فعلها _ رحمة الله عليه ..
لقد حاول وزملائه ان يجعل من المؤسسة مؤسسة تجارية وربحية _ ظاهريا _ فيما هي في واقع الامر مؤسسة تنوير وإشعاع وتحمل اهداف طموحة وذات أبعاد إستراتيجية متصلة بقيم الهوية وبمشروع التغيير الاجتماعي الذي لم تتمكن كل تحولاتنا واحداثنا الوطنية من الانتصار له ، نظرا لوقوف قوى الهيمنة والتخلف في مواجهته ومواجهة أي محاولة للتنمية والتطور الاجتماعي النابذة لكل قيم وتقاليد الماضي البغيض والمتخلف .. نعم لقد حاول الدكتور عبد الكريم الإرياني ومن خلال مؤسسة الميثاق إلى التصدي لكل قيم وثقافة ( طغمة حراس الجهل والتخلف ) ، لكن ما يؤيف له ان ( طغمة المنتفعين ) التي جندت نفسها لخدمة طغمة الجهل والتخلف وحراسهما ، أستطاعت ان تحبط هذا المشروع الوطني ، عبر الولوج إليه من نافذة لم تكن أصلا موجودة في جدار المؤسسة ، لكن الانتهازية أوجدتها وكذا الغيرة والحقد والنرجسية لدى بعض المرضى والمصابين بعاهات المنفعه ، وهولاء بلغت بهم الوقاحة حد التشكيك بذمة المؤسس والكادر ، بل وبذمة الدائرة المختصة في قيادة المؤتمر ورموزها ، بل وبذمة المؤتمر وقيادته دون إستثناء ليذهبوا وبكل صفاقة وحقد ووقاحة إلى نيابة الاموال العامة وهئية مكافحة الفساد للتشهير بالمؤسسة والإيغال في دمارها دون ان تكون المؤسسة مدينة لهم بل هم مدينون للمؤسسة ..وهذا ما سناتي عليه لاحقا ..
يتبع |