الإثنين, 17-يوليو-2017
ريمان برس - خاص -

انقسمت النخب التعزية بفعل الأزمة إلى ثلاثة أقسام ..قسم اصطف ولدوافع متعددة مع ما تسمى ب ( الشرعية ) ثم وجد نفسه حليفا للرياض وللعدوان بوعي او بدون وعي بالرضاء او بحكم الأمر الواقع ..القسم الثاني اصطف إلى جانب ( الإنقلابيين او سلطة الامر الواقع ) كما يطلق عليهم ..القسم الثالث وقف في المنزلة بين المنزلتين ، يرصد ويتايع ويترقب عن بعد ولا يجرؤا في الاقتراب من أي طرف بصورة علنية لكنه ( يخافس / يهمس ) في أذن هذا الطرف أو ذاك بما يريد ان يقوله خلسة وبعيدا عن انظار الناس ..!!
هذا التقسيم الكلي لحال النخب التعزية ، لكن في الجزئيات نجد أن القسم الاول يتكون من قطاعين ، قطاع الساسة والمثقفين او من كنا نحسبهم كذلك وفعاليات حزبية ونشطاء منظمات مجتمع مدني وصحفيين ، والقطاع الرأسمالي وهولاء الذين يتشكلوا من راسماليين مرتبطين بالجماعات الإسلامية ارتباط وثيق وهم ايظا مرتبطين ارتباط اوثق بالنظام السعودي وبأنظمة المشيخات الخليجية ونسبة كبيرة من انشطتهم الاقتصادية والتجارية ترتكز في منطقة الخليج بصورة عامة وفي السعودية بصورة خاصة ، وفي هذا القطاع الراسمالي ايظا من يرتبطون ارتباط تاريخيا بكل من لندن وواشنطن حلفاء انظمة الخليج وداعميهم بالعدوان والمصادر الأكثر أهمية بتسليح ورعاية انظمة الخليج ..وهولاء قطعا عند المنعطفات الجادة يقفون حيث تكون مصالحهم وحيث يراد منهم الوقوف من قبل الجهات المرتبطين بها ، وهم في المحصلة لا تعنيهم تعز المدينة ولا المحافظة ولا الأرض ولا الإنسان ، وهذا ايظا موقفهم من اليمن بصورة كلية ..نعم هناك من ساهم منهم بإسقاط نظام الإمامة ولكن هذه المساهمة لم تأتي بدافع الولاء للوطن او حب الوطن ، بقدر ما جاءات تعبيرا عن رغبة حلفائهم الخارجيين ورغبتهم في الانفتاح وتوسيع رقعة الأستهلاك الاقتصادي ، وبهدف إدخال أليمن في خارطة الاستهداف الاقتصادي وتحويلها إلى سوق جاذبة لكل المنتجات الاستهلاكية ..
هذا بالنسبة للرأسمالية التعزية الصامتة ومن الطبيعي ان تصمت ومن الغباء ان نفكر او نصدق ان هذه الطبقة تفكر بالوطنية والسيادة والكرامة والانتصار للذات الوطنية ، خاصة في لحظة تاريخية فارقة يصعب الحديث فيها عن الوطن والوطنية لدى عالية القوم الذين يدركون قواعد اللعبة الداخلية والخارجية وبالتالي يدرك هولاء ان لا شيء يستحق تضحياتهم ان فكروا بتقديمها طالما واطراف الصراع الأساسيين يتقاتلون على سلطة وكرسي ومغانم ..!!
الجانب الاخر من هولاء يتمثل بقوى اليمين ممثلين بجماعة الإخوان والسلفيين ومعهم قوى اليسار ايظا من ( الاشتراكيين والناصريين ) او الذين كانوا كذلك ، ومع هولاء وبينهم رموز ارتبطت بعلاقة تبعية وولاء ووفاء وارتهان مع النظام السعودي او مع انظمة الخليج وهولا لا ينتمون لتعز وحسب بل لكل قبائل اليمن وهولاء من الطبيعي ان يكونوا ضد وطنهم وشعبهم ومع اولياء نعمتهم وكان ( الشائف ) اصدق من عبر عن هذا الولاء بقوله ( لتحرق اليمن المهم امن وسلامة المملكة ) ..؟!! وهذا الرجل هو ذاته الذي ظهر ذات يوم على التلفاز وقال في إشارة إلى ( زر قميصه ، هذا من خير المملكة ) ..؟!!
القسم الثاني وهم من اصبح بحكم الامر الواقع مع صنعاء او مع ( عفاش ) و ( الحوثة ) او الإنقلابيين وسلطة الامر الواقع ، وهولاء بدورهم محكومين برغبات وإرادة صنعاء وحكامها ، وبالتالي لا يجرؤا ايا منهم ان يعبر عن قناعته او يقوم بدور يخالف توجهات وقناعات حكام صنعاء ..!!
وهذا يعني أن تعز فرغت أو أفرغت من الشخصيات الكارزمية القيادية والمؤثرة والقادرة على التعامل مع الاحداث بشجاعة ومسئولية وطنية واخلاقية وتاريخية ..
هناك قسم اخر او قسم ثالث بالأصح وهولاء يقفون فعلا في المنزلة بين المنزلتين وهولاء لا يرغبون في ان يخسروا حكام صنعاء ولا يرغبون ايظا في ان يقطعوا صلاتهم مع اصحاب الرياض وبالتالي ذهب هولاء يشغلون انفسهم بحراك لا يمكن وصفه إلا إنه حراك عبثي لا ينقذ جريح ولا يوقف نزيف ، منهم من ذهب يشغل نفسه بقصص الإغاثة ، ومنهم من ذهب يطلق مبادرات سلام ، واخرين ذهبوا يبحثون عن الوظائف ويتسابقون على المناصب ويتوددون تارة ( للزعيم ) واخرى ( للحوثة ) دون ان يغفلوا مهمة تطمين الطرف الاخر لنبل مواقفهم وحقيقة مشاعرهم وانهم سيبقون اوفياء لهم فقط عليهم ان يثقوا ولهذا قلت واقول دوما ان ( ممثلين الرياض وعلي محسن ) في مفاصل سلطة الأمر الواقع ربما يزيدوا عن ممثلي ( المؤتمر والحوثي ) لان الرياض وعلي محسن داخلين في كلا الحصتين ..؟!!

أسباب حالت فعلا دون انقاذ تعز ودون حتى فرملة العنف او التقليل من ثقافة الحقد والكراهية ، او تنظيم سلطة مؤسسية في تعز وان في المناطق الخاضعة لما يسمى بالشرعية والتي تشهد اسواء الممارسات القذرة والتوحش وفيها تسفك الدماء بقلوب باردة وترتكب فيها من الجرائم ما لم يحدث مثلها في تاريخنا القديم والحديث والمعاصر ..كره ، حقد ،توحش ، انفلات امني ، نزيف يومي ، طال كل مكونات المجتمع بما في ذلك النساء والاطفال والشيوخ ، سلوكيات تسببت بنزوح قرابة مليون ونصف تعزي تركوا قراهم وعزلهم ومديرياتهم ومدينتهم وها هم هائمين في براري وقفار المحافظات إب ، ذمار ، صنعاء ، الحديدة ، وحتى الذين كانوا يقطنون المحافظات الجنوبية ، تم ترحيلهم بطرق تعسفية وهمجية ، لم تقوم بها قوات الدفاع الصهيوني بحق أبناء فلسطين ولكن قامت بها السلطات في المحافظات الجنوبية بحق ابناء تعز الذين بدات مشكلتهم مع سلطة الامر الواقع في صنعاء بسبب عدن وسبب شعار ( لأجلك يا عدن ) ثم دحرجت الكرة لنصل إلى ما نحن فيه ، خسر ابناء تعز صنعاء ولم يكسبوا عدن فيما عدن وصنعاء سمن على عسل وليس بينهم مشكلة ..؟!!
طيب لماذا لم تقوم سلطة ما يسمى بالشرعية بحقن دماء أبناء تعز وتسليم المناطق التي يسموها محررة في ريف تعز والمدينة لقوات عسكرية نظامية _ مثلا _ وأبعاد المليشيات المسلحة وبلاطجتها عن المدينة ؟ هناك ألوية عسكرية تتبع سلطة أصحاب الرياض ألم يكن الاجدر بحكومة هادي وحلفائه تسليمهم مهمة الامن في مناطق سيطرتهم والدفاع عنها ايظا وابعاد القتلة والبلاطجة عن احياء مدينة تعز واريافها ؟ لماذا تصر حكومة الرياض على إبقاء سلطة البلاطجة والقتلة هي السائدة في تعز ؟ لماذا لم تعمل حكومة ما يسمى بالشرعية علي توحيد هذه الفصائل وضبط مهامها ..؟ تساؤلات تأتينا الإجابة عليها من عدن والحال الذي تعيشه هذه المدينة ، وهي إجابة كافية لندرك أن خيوط اللعبة ليست بيد المدعو هادي ولا حكومته ولا سلطته ولا هي بيد حلفائه والمطبلين لشرعيته ولكنها بيد الغزاة واجهزتهم ، وان هادي وحكومته وحلفائه مجرد مرتزقة وان اهمية هادي لدى امراء الرياض وابو ظبي تتساوى مع أهمية ابو العباس وعارف جامل وصادق سرحان وغزوان المخلافي ..نعم وكما يلتقون بهادي يلتقون بأمراء الإجرام وقد يكون غزوان المخلافي أكثر حظورا واهمية في بلاط الامراء من هادي نفسه ...؟!!
فماذا والحال كذلك لدى وجهاء او جبناء تعز ما يفعلوه غير ان كل قسم منهم ينافق ويجامل من يرى مصلحته معه وسحقا لتعز ولكل ما فيها وهولاء منافقون في الرياض ومنافقون في صنعاء ودجالون حيث ذهبوا ..؟!!
موقف نخب ووجهاء وفعاليات تعز تذكرنا بكتاب بول فندلي ( من يجروا على الكلام ) وهو يتحدث عن الصراع العربي الصهيوني ، وفي تعز اليوم صراع مركب ومتداخل ، ومطلسم ايظا ، لكن طلاسمه طغت حتى على ( سادة تعز ) الذين كانوا يحرزون المجانيين ويعالجون المرضى النفسيين ، ويبطلون الاسحار والتعاويذ ، وكانت تعز مشهورة بسادتها الذين كانوا يستقبلون من فقدوا عقولهم وهم مكبلين بالسلاسل ، ولا يلبثوا عندهم إلا بضعة ايام فيعودوا لاسرهم وقراهم عقلاء سالمين ، والمؤسف حتى هولاء غابوا وهاجروا وذابوا بين المهاجرين والمشردين ولم نسمع صوتا لأحدهم ولا حتى خبر لقد ذابوا مثل ذوبان الملح على الماء وذابت قصصهم وحكايتهم واساطيرهم ، ويبدوا ان حملة البنادق في تعز أصبحوا اكثر قوة وفعالية من (جن سليمان)..؟!!
او ان المصالح هي الاخرى تحكم أصحابها خاصة وهولاء ايظا لهم ارتباط بالمجتمعات الخليجية وغالبية زبائنهم كانوا يأتون من الخليج ..؟!!
مع كل ما سلف اعود واقول أن ما يجري في تعز ولتعز جريمة يتحمل وزرها كل ابناء تعز ، ومن يقول عفاش والحوثي اقول له عفاش والحوثي لهم حساباتهم وهادي له حساباته والرياض لها حساباتها ، لكن أين هي حسابات تعز ..؟!!
أن كل أطراف الصراع لهم ممثلين ساميين في تعز من الرياض حتى صعده ، لكن من جعل تعز مدينة مفتوحة للجميع هم ابناء تعز للاسف بدليل ان نصف او غالبية مهجري ومشردي تعز يعيشون اليوم تحت رعاية سلطة الامر الواقع ولم يعترض عليهم احد او يسيء إليهم أو يضايقهم ، وابناء تعز متواجدين في كل النطاقات الجغرافية اليمنية من صعده للمهرة ومن كمران لسقطرى ،ولم يتعرضوا لهم إلا في عدن التي لاجلها تحركت تعز وادخلت نفسها في هذا النفق ، طيب الم يتسأءل احدكم ويقول لماذا عدن ؟ ولماذا تعز ؟ ألم يقول ابناء تعز لأجلك يا عدن ؟ فماذا كان رد فعل عدن ؟ طرد ابناء تعز ؟ لماذا ؟ عدن تفعل هذا تحديدا ؟ فكروا في الحكاية التي لم تأتي من فراغ ؟ بل لها اهدافها ..
كانت تلك تكملة لشرح المشكلة التعزية ..الحل يتبع في الحلقة القادمة والاخيرة ..مودتي للجميع
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 01-مايو-2025 الساعة: 12:25 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://raymanpress.com/news-81097.htm