ريمان برس - متابعات -
أخيراً وبعد طول انتظار وبعد أن بلغت القلوب الحناجر وظنننا أن الحوار الوطني لن يأتي أبداً وأن اليمنيين لن يصلوا إلى هذه اللحظة التاريخية ، لحظة يلتقي فيها جميع الفرقاء تحت سقف واحد وحول طاوله واحدة ليتحاوروا ويتشاوروا فيما بينهم من أجل مستقبل اليمن وأبنائه.

لم نكن نتوقع أن نصل إلى هذا اليوم لأننا - والحق نقول - لم نصدق أن ثقافة الحوار والتفاهم والتصالح ستتغلب على ثقافة العنف والحقد والكراهية.. ولم نكن لنصدق أيضاً أن الأحزاب المتناحرة والقوى المتصارعة وبما تحمله من مشاريع متناقضة وأفكار متنافرة ستقبل بالجلوس على طاولة الحوار ، باعتبار الحوار هو السبيل الوحيد لحل مجمل القضايا الخلافية وتحقيق جميع المطالب المشروعة لكل أبناء اليمن سواء في المحافظات الشمالية أو الجنوبية الشرقية والغربية.

أما اليوم فهاهم الفرقاء وخصوم الأمس يلتقون مجدداً ليرسموا معالم اليمن الجديد ويضعوا اللبنات الأساسية والمداميك المتينة لبناء الدولة المدنية الحديثة ، دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية ، وهذا ما يأمله ويرجوه كل أبناء اليمن من ممثليهم في مؤتمر الحوار الوطني.

صحيح أن ما يتم تناوله في جلسات الحوار ومانسمعه من آراء ومداخلات تشعرنا بأن الحوار يتجه نحو طريق مسدود ، وأن أغلب من جاءوا إلى الحوار إن لم يكن جميعهم لم يتخلصوا بعد من ثقافة الحقد والكراهية ولازالوا يتعاملون مع بعضهم البعض كأعداء وخصوم ، وأن ما نسميه الحوار الوطني هو من وجهة نظرهم مرحلة من مراحل الصراع ، والشاطر من بقي متمسكاً بفكرته ومتشبثاً برأيه ومتمترساً خلف مواقفه السابقة لايحول عنها ولايزول ، ولهذا جاءت كل أطروحاتهم اجتراراً لخلافات الماضي وصراعاته .. الماضي الذي لازال يتحكم بهم ولم يستطيعوا بعد الانسلاخ عنه والاتجاه صوب المستقبل بقلوب وعقول خالية من الأحقاد والكراهية ورفض الآخر.. مع ذلك ننظر إلى هذا الحوار الوطني بكثير من التفاؤل وأن القادم أجمل دون شك.

وكل مانرجوه من الأخوات والإخوة أعضاء مؤتمر الحوار أن يكبروا بحجم الوطن ويدرك كل واحد منهم أنه لايمثل حزباً ولامذهباً ولاقبيلة ولامحافظة ولافئة ولامنطقة وإنما يمثل اليمن.

إن الهدف الأول والأخير من الحوار الوطني هو إخراج اليمن وأهله من دائرة الصراعات المستمرة والولاءات الضيقة إلى آفاق رحبة ومستقبل أفضل لكل اليمنيين.

أنتم اليوم أمام مسئولية عظيمة ومهمة وطنية كبرى تستوجب منكم نبذ الأنا والتخلص من ادران الصراعات بكل أشكالها إن أردتم حقاً بناء يمن جديد ودولة مدنية حديثة.. وكل ما نريده منكم أن تتحاوروا من أجل اليمن كل اليمن ولاخير فيكم أن خذلتم الوطن وانتصرتم لأحزابكم ومذاهبكم وقبائلكم ومحافظاتكم.
براقش