ريمان برس - خاص -
نعم أسفرت معركة الطوفان عن متغيرات سياسية وجيوسياسية، متغيرات لم تقف في نطاق جغرافية الوطن العربي، بل يبدو أنها تشمل جغرافية العالم بأسره، حيث بدت ملامح المتغيرات الجيوسياسية تعبر عن نفسها وتسعى لفرض أنماط سياسية وجيوسياسية تشمل الوطن العربي وقضاياه والجغرافية الأوروبية والأفريقية والاسيوية، وتبدا مرتكزاتها في أوكرانيا، التي تشكل قاعدة انطلاق لهذه المتغيرات التي تفرض على أمتنا العربية ووطننا العربي خيارات مرة، بل وأشد مرارة من العلقم في ظل غياب الموقف العربي الموحد وتمزيق النظام العربي الباحث بصورة منفردة عن ذات قطرية مجبولة بقدر غير مسبوق من الانتهازية الانعزالية وكأننا نعيش في يوم الحشر الذي " يفر فيه من أخيه وبنيه وصاحبته"..!
نعم كل نظام عربي وكل قطر عربي يبحث عن ذاته فوق انقاض الوطن العربي والأمة العربية، متخليين عن كل القضايا المصيرية التي ظاهرا تبدو انها لا تهم هذه الأنظمة القطرية الانعزالية، لكنها في الواقع متصلة اتصالا جذريا بوجود هذه الأنظمة وبحاضرها ومستقبلها..!
بعد عقد من دمار القدرات العربية وتمزيق أنسجتها الاجتماعية، وبعد أن طفحت الهويات الطائفية والعرقية والمذهبية، في داخل المجتمعات العربية التي كانت تشكل مجتمعة وأن متفرقة _سياديا _ صمام آمان الوجود العربي، واقصد أنظمة ومجتمعات مثل العراق وسوريا وليبيا والسودان واليمن، فأن دمار هذه المجتمعات وتحطبم قدراتها العسكرية وتحويلها إلى دول وانظمة ومجتمعات فاشلة بكل ما تعني هذه العبارة، فإن القضية المحورية للأمة غدت قضية هلامية اسيرة الرغبات الخارجية ورغبة صناع القهر الفلسطيني والممثل بالعدو وحلفائه، فيما أنظمة الاعتدال منهمكة في محاولة تطويق نفسها باسوار الارتهان الاقتصادي والسياسي والانفتاح الملغم بعقود وصفقات استثماراتيه تضاعف من حالة التبعية والارتهان لمن كان وعلى مدى قرن تقريبا من الزمن يحلم بتحقيق فقط بعض مما حققه خلال العقد الأخير من تاريخ الأمة التي غدت في هاوية حضارية سحيقة لم تعهدها حتى في العهود الغابرة..!
أن ما حدث ويحدث في فلسطين ليس إلا جزءا بسيطا من صور الامتهان المذل الذي تعيشه الأمة، نعم دفع الشعب العربي في فلسطين ثمنه دما ودموعا واهات وقتل ودمار وحصار وتجويع واهانة وتعذيب وأمتهان لم يمارسه اعتي طغاة التاريخ بحق خصومهم، لكن الصهاينة مارسوه بحق هذا الشعب أمام أنظار العرب والمسلمين والعالم، حتى أن الشعوب الحرة الغير عربية والغير مسلمة من عبدة الأصنام وممن لا دين لهم، تلك الشعوب تحركت رفضا لما يجري في فلسطين من حرب إبادة تمثل وصمة عار في جبين البشرية ودليل على زمن الانحطاط العربي وإنحطاط أنظمة وحكام وشعوب ونخب تبحث بين كل هذا الركام عن رغباتها الذاتية ومصالحها الشخصية..!
كل هذا يعكس الحالة التي تتجه إليه الأمة والتي سيدفع ثمنها الفقراء والمترفين على حدٍ سواء.. فترقبوا |